الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ثبتت متابعة المؤذن في أذانه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله، وقد أمر بها ورغب فيها ووعد عليها الثواب الجزيل، فلا يفرط فيها مع العلم بهذا الفضل إلا من قل حظه من الفقه، وقد ذهب الحنفية إلى وجوب متابعة المؤذن استدلالا بظاهر قوله: فقولوا مثل ما يقول. وإن كان الراجح مذهب الجمهور، وأن متابعة المؤذن مستحبة لا واجبة، كما أوضحنا ذلك في الفتوى رقم: 122404، وكون بعض العلماء ذهب إلى وجوب متابعة المؤذن مما يدل على أهميته، وأنه مما ينبغي العناية به وعدم إهماله ولا التفريط فيه، مع اتفاق العلماء على مشروعيته في الجملة، وصحة الأحاديث فيه عن جماعة من الصحابة.
جاء في المغني: ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول. لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب ذلك، والأصل فيه ما روى أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. متفق عليه. ورواه جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص وابنه وأم حبيبة. انتهى.
وقد نص الفقهاء على أن متابعة المؤذن أولى من القراءة؛ لأن القراءة لا تفوت، وفي معناها هذه المواعظ أو الدروس التي يلقيها هذا الشيخ، فإن الجمع بين المصلحتين أولى من تضييع إحداهما.
وجاء في القواعد الفقهية أن العبادة التي تفوت مقدمة على العبادة التي لا تفوت، ولذا نصوا على أن متابعة المؤذن أولى من الاشتغال بتحية المسجد للعلة ذاتها، وهي الجمع بين المصلحتين وعدم تفويت إحداهما.
جاء في المغني: وإذا سمع الأذان وهو في قراءة قطعها ليقول مثل ما يقول لأنه يفوت والقراءة لا تفوت. انتهى. وفيه أيضا: وإن دخل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ ويقول مثل ما يقول جمعا بين الفضيلتين. انتهى.
فعليكم أن تعيدوا نصح هذا الإمام وتبينوا له ما ذكرناه من أقوال العلماء وغيرها كثير، فإن انتصح فبها والحمد لله، وإلا فعليكم أنتم أن تحرصوا على الجمع بين المصلحتين ما أمكن، فتحرصون على متابعة المؤذن والقول مثل ما يقول، فإذا فرغ أقبلتم على ما تبقى من الموعظة فاستكملتموها.
والله أعلم.