الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما رؤية الأم المتوفاة في المنام فلا إشكال فيه، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن أرواح الأحياء وأرواح الأموات تلتقي وتتعارف في المنام، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. {الزمر: 42}. قال الطبري: ذكر أن أرواح الأحياء والأموات تلتقي في المنام، فيتعارف ما شاء الله منها، فإذا أراد جميعها الرجوع إلى أجسادها أمسك الله أرواح الأموات عنده وحبسها، وأرسل أرواح الأحياء حتى ترجع إلى أجسادها إلى أجل مسمى وذلك إلى انقضاء مدة حياتها. اهـ.
وقد روي معنى ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي، وذكر نحوه البغوي والقرطبي والثعلبي وابن كثير وابن عادل والبقاعي والسعدي وغيرهم. وأطال ابن القيم ـ رحمه الله ـ النفس في إثبات ذلك وانتصر له بقوة في كتاب (الروح). وقد أوردنا طرفا من كلامه عن ذلك في الفتوى رقم: 13853. وكذلك رجح هذا القول أيضا ابن الصلاح في فتاويه بعد أن عرض ما فيها من أقوال، ثم قال: هذا الذي نجيب به، وهو الأشبه بظاهر الكتاب والسنة. اهـ. وكذلك فعل السفاريني في (لوامع الأنوار البهية).
وأما الحكاية التي صدرت بها السائلة سؤالها، فالله تعالى أعلم بحقيقة ذلك، وقد ذكر الشيخ ابن باز مسألة التقاء أرواح الأحياء والأموات في المنام ثم قال: فهذا هو الذي عليه السلف من أن أرواح الأموات باقية إلى ما شاء الله وتسمع, ولكن لم يثبت أنها تتصل بالأحياء في غير المنام. اهـ.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 19903 .
والله أعلم.