الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما يقوم به زوجك من مساعدة إخوته وأخواته ـ خصوصا المحتاج منهم ـ عمل كريم، وهو من القربات العظيمة التي يتقرب بها المتقربون إلى ربهم وينالون بها رضوانه وجنته، لما يتضمنه من صلة الرحم وإيتاء ذوي القربى ومساعدتهم وسيعود عليكم ـ إن شاء الله ـ من بركات هذا العمل في الدنيا قبل الآخرة من سعة الرزق وهناء العيش وطيب الحياة، فإن الله سبحانه شكور يشكر إحسان عباده ويثيبهم عليه، وقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه.
فكوني ـ رحمك الله ـ عونا لزوجك على فعل الخيرات وعمل الصالحات، ولكن ـ في ذات الوقت ـ ينبغي أن يعلم الزوج أن زوجته وأولاده هم أولى الناس ببره وإحسانه، فينبغي أن يهتم بتلبية ضرورياتهم وحاجياتهم قبل إخوته وسائر أرحامه، ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل يا رسول الله عندي دينار، فقال تصدق به على نفسك، قال عندي آخر، قال تصدق به على ولدك، قال عندي آخر، قال تصدق به على زوجتك ـ أو قال زوجك ـ قال عندي آخر، قال تصدق به على خادمك، قال عندي آخر قال أنت أبصر. حسنه الألباني.
جاء في شرح سنن أبي داود للعيني: المراد من الصدقة فيه: النفقة، ورتب عليه السلام الأول فالأول والأقرب فالأقرب، أمره أن يبدأ بنفسه ثم بولده، لأنه كبعضه، ثم ثلث بالزوجة وأخرها عن الولد، لأنه إذا لم يجد ما ينفق عليها تركها فينفق عليها ذو رحم تجب نفقتها عليها أو تتزوج بآخر فينفق عليها. انتهى.
ولأن هذا من جنس النصيحة الواجبة، فعن تميم الداري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
وروى مسلم في صحيحه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حق المسلم على المسلم ست: قيل ما هن يا رسول الله؟ قال إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس ـ فحمد الله ـ فشمته، وإذا مات فاتبعه.
جاء في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: وإذا استنصحك: أي طلب منك النصح ـ وهو تحري ما به الصلاح من قول أو فعل ـ فانصح له وجوبا عليك بأن تذكر له ما به صلاحه، وطلبه ليس شرطا لوجوب بذله أو ندبه، لأنه يجب تارة ويندب أخرى لمن طلب ومن لم يطلب، فذكره إنما هو لإفادة أن تأكده بعد الطلب أكثر. انتهى.
وفي التيسير بشرح الجامع الصغير للمناوي: وإذا استنصحك فانصح له. وجوبا وابذل الجهد. انتهى.
فما دمت تتقين الله سبحنه في نصيحتك وتوجهين زوجك إلى ما فيه الحق والصواب، فلا حرج عليك من ذلك.
والله أعلم.