الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الدم الناشئ عن إسقاط الجنين لا يكون حيضا إلا إذا تبين فيه خلق إنسان، وأقل مدة يمكن أن يتبين فيها خلق إنسا هي واحد وثمانون يوما، وعليه فالدم الذي رأته زوجتك هو دم استحاضة إلا أن يوافق عادة حيضها فيكون حيضا كما أوضحنا ذلك مستوفى في الفتوى رقم: 129638. وإذا تبين أن زوجتك كانت مستحاضة فإنه لا حرج عليك في وطئها كما بيناه في الفتوى المحال عليها ولعل هذا الإمام أفتاك بقول الحنابلة الذين يمنعون من وطء المستحاضة إلا عند خوف العنت ومذهبهم مرجوح ، والراجح مذهب الجمهور وهو أن وطء المستحاضة لا حرج فيه.
جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: ولا توطأ المستحاضة إلا مع خوف العنت منه أو منها، لقول عائشة في المستحاضة: لا يغشاها زوجها فإن خافه أو خافته أبيح، وكذا إن كان به شبق، وعنه يباح وطؤها مطلقا وفاقا وهو قول أكثر الفقهاء لأن حمنة كانت تستحاض وكان زوجها طلحة يطؤها وأم حبيبة كذلك. رواه أبو داود. وليست المستحاضة كالحائض من كل وجه فتقاس عليها بل فرق الشارع بينهما لأن دم الحيض أعظم وأدوم وأضر من دم الاستحاضة ودم الاستحاضة دم عرق وهو في الفرج بمنزلة الرعاف في الأنف، وخروجه مضر وانقطاعه دليل الصحة، ودم الحيض عكس ذلك ولا يستوي الدمان حقيقة ولا حكما ولا سببا. قال النووي: يجوز في الزمن المحكوم بأنه طهر ولا كراهة في ذلك، وإن كان الدم جاريا هذا مذهبنا ومذهب جمهور العلماء ولا يثبت لها شيء من أحكام الحيض بلا خلاف، ونقل ابن جرير الإجماع على أنها تقرأ القرآن وأن عليها جميع الفرائض التي على الطاهر وحكى نحو ذلك غيرهما، لأنها كالطاهر في الصلاة والصوم وغيرهما فكذلك في الجماع ولا يكره إلا عن دليل وقال ابن عباس رضي الله عنهما المستحاضة يأتيها زوجها إذا صلت الصلاة أعظم. انتهى.
فإذا علمت أنه لا حرج في جماع المستحاضة ولو في حال جريان الدم علمت أنه لا حرج عليك في مافعلته من جماع امرأتك سواء كانت ترى دم الاستحاضة أو لا.
والله أعلم.