الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن قصة مالك بن دينار هذه مشهورة، وقد ذكرها بعض أهل العلم للعظة والاعتبار.. منهم ابن قدامة المقدسي في كتاب التوابين، وابن الجزري في كتاب: الزهر الفاتح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح، كما ذكرها ابن الجوزي والعجلوني كما في الفتوى المشار إليها.
ولا يلزم من ذلك الحكم عليها بالصحة أو البطلان لأن العلماء لا يهتمون كثيرا بالتدقيق في مثل هذه القصص والأخبار التي ترد عن بعض الصالحين؛ لأنهم لم يريدوا أن يستدلوا بها على حكم شرعي.. وإنما لأخذ ما تضمنته من الدروس والعظات والعبر..
وإذا كانت سيرة بينا- صلى الله عليه وسلم- تجمع الصحيح والضعيف.. كما قال العراقي في نظم ألفية السيرة النبوية:
وليعلمِ الطالبُ أنَّ السّيَرَا * تَجمَعُ ما صحَّ وما قدْ أُنْكرَا
فما بالك بغيرها من القصص والأخبار..
وأما عدم زواجه- إن صح- فإنه لا ينفي وجود القصة، لأن البنت المذكورة إن لم تكن من زوجته، فيحتمل أنها كانت من جارية اشتراها، وعدم ذكر زواجه في ترجمته في السير- كما سقتها- لا ينفي أنه تزوج.
وكذلك عدم استقامته في بداية حياته لا غرابة فيها- وليست بدليل على عدم صحة القصة، فكم من صالح كان فاسدا في بداية حياته ثم تاب إلى الله تعالى وصلح حاله ، وهؤلاء أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- معروف ما كان منهم، ولذلك كان الشاب الذي ينشأ في طاعة الله تعالى من السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
والحاصل: أننا لا نحكم على هذه القصة بصحة ولا بطلان، وأن من ذكرها إنما ذكرها للاتعاظ بما فيها مما هو موجود في الشرع أصلا.
والله أعلم.