الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا يجوز للابن أن يأخذ شيئا من مال أبيه إلا بعلم الأب وإذنه ورضاه، وإلا كان الابن سارقا في حال عدم علم الأب، وغاصبا في حال علمه وعدم رضاه، ويستثنى من ذلك ما إذا كان الرجل شحيحا لا ينفق على زوجته وأولاده الذين تجب نفقتهم عليه فحينذ يجوز لزوجته وأولاده أن يأخذوا من ماله بدون علمه ما يكفيهم بالمعروف ولا يزيدون على ذلك، وقد بينا هذا في الفتويين رقم: 64199، ورقم: 31157.
وعلى ذلك، فأنت بصيرة بأحوالك وتستطيعين معرفة الحكم الشرعي ـ في ضوء ما ذكرناه من خلال أحوال الأب معكم ـ فإن كان الأب يعطيكم ما يكفيكم من النفقة بالمعروف على ما يليق بحالكم وحال أمثالكم من اليسار أو الإعسار كما هو مبين في الفتوى رقم: 113285، فلا يجوز لكم ـ حينئذ ـ أن تأخذوا شيئا من ماله دون إذنه.
أما إن قصر في شيء من النفقة الواجبة عليه وضن بها عليكم مع قدرته، فحينئذ يجوز لكم أن تأخذوا من ماله ما يكفيكم بالمعروف، كما بيناه في الفتوى رقم: 98911.
ولكنا ننبهك على أمرين:
الأول: أنه لا يجوز لك أن تكذبي عليه وتخبريه بخلاف الحقيقة من أثمان الأشياء وغيرها حتى تأخذي منه زيادة، ويمكنك أن تستعملي التورية والمعاريض إن تعينت هذه الطريقة وسيلة للأخذ منه.
الثاني: أنه لا يجوز لكم أن تأخذوا زيادة عن حاجتكم ولو بقصد التصدق لأن أخذكم هذا بخلاف الأصل، وإنما جاز للحاجة، فيجب أن يكون الأخذ بقدر ما تندفع به الحاجة، وعليه فلا يجوز لك أن تتصدقي بهذا المال الزائد، بل ما فضل عن حاجتكم فردوه إلى الأب.
ثم إننا ننبهك على أمرين:
الأول: أنك قلت كلاما لا يليق في جانب الأب وظننت به، وبعض الظن إثم، فتب إلى الله من كل ذلك.
الثاني: أن الإنفاق على الأقارب وذوي الرحم ليس من ما يلام عليه الشخص ما دام لم يؤد إلى تفريط منه في واجب.
والله أعلم.