الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المزاح مباح في الأصل ـ إن لم يكن فيه كذب ولا إيذاء للناس ـ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا حقاً: فقد قيل له يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: إني لا أقول إلا حقاً.
رواه أحمد والبخاري في الأدب، وصححه الألباني ، وأما الحديث الأول الذي ذكره السائل فقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الصغير ، وضعفه ـ قبله ـ المناوي في فيض القدير، وضعفه الهيثمي فقال: فيه أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة وهو ضعيف ـ كذا في مجمع الزوائد.
ونقل المناوي عن الغزالي: أن المراد بالحديث ما فيه غيبة مسلم أو إيذاؤه، وليس المراد محض المزاح.
انتهى.
وأما الحديث الثاني: فقد ضعفه العراقي في تخريج أحاديث الأحياء، وضعفه كذلك الألباني.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح: أنه يجمع بينه وبين الأدلة المبيحة للمزاح أن المنهي عنه ما فيه إفراط أو مداومة عليه، لما فيه من الشغل عن ذكر الله والتفكر في مهمات الدين ويئول كثيرا إلى قسوة القلب والإيذاء والحقد وسقوط المهابة والوقار، والذي يسلم من ذلك هو المباح، فإن صادف مصلحة مثل تطييب نفس المخاطب ومؤانسته فهو مستحب.
انتهى.
ويدخل في المزاح المباح مباسطة الأهل والأولاد، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يداعب أهله وكان يداعب الصبيان، وقد ذكر البخاري في الأدب عدة أحاديث في مزاحه صلى الله عليه وسلم مع الكبار والصغار في باب المزاح.
والله أعلم.