الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنّ هذا الخوف الذي تعانين منه خوف لا مسوّغ له كما أنّه يضرّ ولا ينفع ، فإنّ ما قدّره الله كائن لا محالة ، وإذا أيقن الإنسان أنّ كلّ ما يجري في الدنيا إنما هو بقدر الله وهو مكتوب قبل أن يخلق الله الدنيا بخمسين ألف سنة ، استراح قلبه واطمأنت نفسه فإنّ قدر الله كله رحمة وحكمة ، فهو سبحانه أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا ، وأعلم بمصالحنا من أنفسنا.
فالواجب إحسان الظنّ بالله وتفويض الأمر إليه ، كما أنّ المؤمن لا يعلّق قلبه بشيء من الدنيا لعلمه بزوالها ، فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال لي جبريل : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه. حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير
قال المناوي: وما من أحد في الدنيا إلا وهو ضيف وما بيده عارية والضيف مرتحل والعارية مؤداة. التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي .
وإذا عرف المؤمن حقيقة الدنيا وفهم المراد من وجوده فيها فإنّه يحيا حياة طيبة ولا تضرّه تقلبات الدنيا وحوادثها بل ينتفع بحلوها ومرّها ، فعَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ. رواه مسلم .
واعلمي أنّ المخاوف تستولي على القلب الضعيف أمّا القلب القوي المتصل بالله فهو في أمن وسكينة ، فالإيمان الحق بالله يورث السكينة والطمأنينة في القلب ويبعث في النفس التفاؤل والثقة، وتقوية القلب تكون بتنقيته من الآفات الضارة به من الشبهات والمعاصي وتغذيته بالذكر والعلم والعبادة، وراجعي في ذلك الفتوى رقم :10800.
وللفائدة راجعي الفتوى رقم : 109214.
والله أعلم.