الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
وإثم هذه المنكرات يقع على من فعلها ودعا الناس إليها وعلى من حضر ولم ينكرها أو يغيِّرها. قال سبحانه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا. {النساء : 140}.
قال القرطبي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر ؛ قال الله عز وجل : {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} . فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. وقد روي عن عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه أنه أخذ قوما يشربون الخمر ، فقيل له عن أحد الحاضرين : إنه صائم ، فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} أي إن الرضا بالمعصية معصية ؛ ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم. وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات ، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة. انتهى.
ولا شك أن أصحاب هذا الزفاف مشتركون في كل هذه الآثام ولو لم يباشروا فعل هذه المنكرات لأنهم هم الذين جمعوا الناس على هذه الموبقات وأعانوهم وآووهم وهيأوا لهم المكان.
جاء في فتح الباري لابن حجر: قد علم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم. انتهى.
والله أعلم.