الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أنّ من أعظم مقاصد الشيطان إيقاع العداوة بين المسلمين وحصول التدابر والتباغض بينهم، ولذلك أرشد القرآن العباد أن يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن الطيب حتى لا يدعوا مجالاً للشيطان ليفسد بينهم، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا. {الإسراء:53}.
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التدابر والتباغض، فعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
صحيح مسلم.
فإذا كانت مقاطعتك لزوجة أخيك لغير سبب شرعي، فلا تجوز المقاطعة فوق ثلاثة أيام، مع التنبيه على أنّ القطيعة تزول عند الجمهور بمجرد السلام.
أمّا إذا كانت مقاطعتك لها بسبب وقوعها في المعاصي كتبرجها أمام الرجال الأجانب فهي مقاطعة مشروعة، لكن عليك أن تناصحيها فيما تقع فيه من مخالفات شرعية، وتبيني لها أنّ هجرك لها بسبب تلك المخالفات، وإذا رأيت أنّ ترك مقاطعتها أصلح لها وأقرب إلى قبولها لنصحك فهو أولى وأعظم لأجرك، ولا مانع في هذه الحال من إحسان معاملتها ومبادرتها بالكلام الطّيب ولو كان ذلك تكلفاً.
قال الغزالي: بل المجاملة تكلّفا كانت أو طبعا تكسر سورة العداوة من الجانبين وتقلّل مرغوبها وتعوّد القلوب التآلف والتحاب وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد وغم التباغض. إحياء علوم الدين.
كما أن مقابلة السيئة بالحسنة مما يوجد المودة ويقي شر نزغات الشيطان، قال تعالى: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. {فصلت:34}.
وإياك أن يغرك الشيطان ويصور لك أن العفو نوع من الضعف وأنه يطمع فيك الناس، فالصحيح أن العفو يزيدك عزاً وكرامة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزا.
كما أن العفو سبيل لنيل عفو الله ومغفرته، قال تعالى: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. {النور:22}.
واعلمي أنّ قطع الطمع فيما عند الناس والحرص على مرضاة الله وحده، من أعظم أسباب كسب احترام الناس.
أمّا حديث: المؤمن كيس فطن.
فهو حديث ضعيف لا يثبت، كما بيناه في الفتوى رقم: 52524.
والله أعلم.