الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمزرعة التي ذكر السائل أن الميت وزعها بين أبنائه وبناته، إن كان الأبناء والبنات قد حازوها في حياة أبيهم وحال صحته وصاروا يتصرفون فيها تصرف المالك فهذه هبة قد تمت ولا تدخل في تركة الميت وصارت الأرض بذلك ملكا للأبناء والبنات, ولا يلزمه أن يهب جزءا منها لزوجته , وأما إن كان الأب وهبها لهم في مرضه المخوف, أو وهبها لهم حال صحته ولم يحوزوها حتى مات ففي كلا الحالين لا تعتبر الهبة نافذة وتأخذ حكم الوصية لوارث ولا تمضي إلا إذا رضي الورثة بذلك, ومن جملتهم الزوجة أم الأولاد, فإن رضيت مضت الوصية, وإن لم ترض كان لها الحق في أخذ الثمن من المزرعة.
وإذا كان الورثة محصورين فيمن ذكر فإن للزوجة الثمن فرضا لوجود الفرع الوارث. كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. { النساء: 12}.
وما بقي بعد الثمن فهو للأبناء الأربعة والبنات الثلاث بينهم – تعصيبا – للذكر مثل حظ الأنثيين لقول الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. { النساء: 11 }. ولا شيء للأخت الشقيقة لأنها محجوبة حجب حرمان بالابن , فتقسم التركة على ثمانية وثمانين سهما, للزوجة ثمنها, أحد عشر سهما, ولكل ابن أربعة عشر سهما, ولكل بنت سبعة أسهم .
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.