الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن على المسلم أن يحفظ لسانه من كثرة الأيمان والنذور فقد قال الله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ. {البقرة: 224}. وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال: إنه لا يرد شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل.
وإذا تكررت الأيمان وحصل الحنث في شيء منها، فإن الكفارة تجب عن كل يمين حصل فيها حنث؛ إلا إذا كان المحلوف عليه شيئاً واحداً وتكررت الأيمان قبل الحنث، ولم تقصدي بتكرار اليمين تجديد يمين أخرى، وإنما تأكيد الأيمان الماضية، فهنا تجب عليك كفارة واحدة عن الأيمان كلها، لأنها بمنزلة يمين واحدة، وسبق ذلك مفصلا في الفتويين: 8186، 6869. فنرجو أن تطلعي عليهما.
وعليك أن تجتهدي في معرفة عدد هذه الأيمان التي حنثت فيها والنذور التي لم تفي بها، وإذا لم تصلي إلى نتيجة محققة فينبغي لك أن تحتاطي لها حتى تتيقني أو يغلب على ظنك أن ذمتك قد برئت.
وإذا عجزت عن الوفاء ببعض ما نذرت عجزا لا يرجى زواله فعليك أن تكفري عن كل نذر عجزت عن الوفاء به كفارة يمين، وذلك لما رواه أبو داود وابن ماجه مرفوعا: من نذر نذراً ولم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين. زاد ابن ماجه في روايته: ومن نذر نذراً أطاقه فليف به.
وما ذكرناه يشمل نذر المحافظة على السنن الراتبة والأذكار بعد الصلاة، وبالتالي فيجب عليك الوفاء بها والالتزام بها كما نذرت، ولا شك أن المحافظة على الرواتب والأذكار بعد الصلوات مما يطيقه كل إنسان.
كما أن تأخير ختم القرآن الكريم عن وقته المعين له في النذر بغير عذر يترتب عليه الإثم وتلزم منه كفارة يمين، ويجب قضاؤه بعد ذلك، وإذا كان التأخير لعذر فلا إثم ولا كفارة، وإنما يلزم القضاء فقط كما سبق بيانه في الفتويين: 471، 68884.
والله أعلم.