الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن هؤلاء يستغلون أموال الناس بأدنى الشبه وأن عليهم التوبة إلى الله تعالى والكف عما هم عليه من الاعتداء على أموال الغير بدون وجه حق، ومن شروط توبتهم رد ما أخذوه من أموال إلى أصحابها إن استطاعوا وإلا أنفقوها في منافع المسلمين العامة، ولا ريب في وهاء الشبهة المذكورة في السؤال، فإننا لو سلمنا أن أصحاب هذه البطاقات من الكفار لما جاز سرقتها، فما بالنا وأصحابها قد يكونون من المسلمين ؟! وذلك أن أهل الكفر ليسوا نوعا واحدا بل هم أنواع، فمنهم الحربي ومنهم المعاهد ومنهم المستأمن ومنهم أهل الذمة، وكل هؤلاء عدا الحربي أموالهم محترمة، وحتى الحربي منهم لو دخل المسلم دارهم بأمان أو بموادعة حرم التعرض لشيء من دمائهم وأموالهم بإجماع الفقهاء، وكذلك إذا دخل الحربي دار الإسلام بأمان حرم التعرض لماله، وقد سبق تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20632، 66479، 45143، 128347.
وأما مسألة غزوة بدر فيصلح الاستدلال بها في حكم مال الكافر المحارب الذي أظهرنا عداوتنا له ونابذناه، فقد قال تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ. {الأنفال : 58} .وفي صحيح البخاري أن المغيرة بن شعبة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء.
قال الحافظ في الفتح: أي لا أتعرض له لكونه أخذه غدرا، ويستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن عذرا...
وقال المناوي في فيض القدير: وأموال المشركين وإن كانت مغنومة عند القهر فلا يحل أخذها عند الأمن.
وفي صحيح مسلم عن حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا؟ فقلنا: ما نريده ما نريد إلا المدينة. فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه. فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر، فقال: انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم.
وراجع للفائدة عن حكم بطاقات الائتمان الفتوى رقم: 105376.
والله أعلم.