الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنت قد علقت طلاق زوجتك ثلاثاً على عودتها لعمل معين فعادت إليه فقد وقع الطلاق ثلاثاً عند الجمهور بمن فيهم المذاهب الأربعة وهو القول الراجح الذي نفتي به. وبناء على هذا القول فقد صارت زوجتك أجنبية منك وأصبحت المعاشرة بينكما محرمة، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك نكاحاً صحيحاً نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول، والطلاق الثلاث الذي أوقعته مكرراً بعد الطلاق الأول لا يقع لكونه لم يصادف محلاً.
أما على مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية فلا يقع الطلاق الذي علقته على عودها لذلك العمل إذا كنت لم تقصد إيقاع الطلاق وإنما قصدت منعها من ذلك العمل، وإن قصدته لزمتك طلقة واحدة، وفي حال وقوع الطلقة بهذا الطلاق المعلق لا يقع الطلاق الذي كررته ما دمت قلته قبل أن ترجع زوجتك إلى عصمتك، وكذا لا يقع إن كنت قلته في طهر مسستها فيه، وفي حال عدم وقوع الطلقة بذلك الطلاق المعلق لكونك لم تقصد الطلاق وإنما قصدت المنع من ذلك العمل في هذه الحال إن كنت قد أوقعت الطلاق الثاني الذي كررته ثلاثاً في طهر لم تمسها فيه فإنه يقطع طلقة واحدة، ولا يقع ما زاد على ذلك لوقوع الجميع في مجلس واحد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فإن طلقها ثلاثاً أو طلقها الثانية أو الثالثة في ذلك الطهر فهذا حرام وفاعله مبتدع عند أكثر العلماء كمالك وأبي حنيفة وأحمد في المشهور عنه، وكذلك إذا طلقها الثانية والثالثة قبل الرجعة أو العقد عند مالك وأحمد في ظاهر مذهبه وغيرهما، ولكن هل يلزمه واحدة أو ثلاث فيه؟ قولان قيل يلزمه الثلاث وهو مذهب الشافعي والمعروف من مذهب الثلاثة، وقيل لا يلزمه إلا طلقة واحدة وهو قول كثير من السلف والخلف وقول طائفة من أصحاب مالك وأبي حنيفة وهذا القول أظهر. انتهى.
وراجع للمزيد من الفائدة الفتويين: 7665، 54257.
وعلى هذا المذهب الثاني فلك مراجعتها قبل تمام عدتها إذا لم يكن مجموع الطلاق السابق ثلاثاً، وعدتُها تنتهي بطهرها من الحيضة الثالثة بعد الطلاق، أو مضى ثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض، أو وضع حملها إن كانت حاملاً.
وما ذكرته من ندمك على الطلاق والضغوط التي ذكرتها ومصلحة الأولاد كل ذلك لا يمنع وقوع الطلاق الثلاث على القول بوقوعه وهو القول الذي نفتي به، وكان الأجدر بك التثبت في هذا الأمر وأخذ تلك الأشياء في الحسبان قبل الإقدام على الطلاق، وما دامت المسألة محل خلاف بين العلماء كما رأيت فإن حكم القاضي الشرعي رافع للخلاف فننصح بالرجوع إليه.
والله أعلم.