الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج الرجل من زوجة ثانية ـ بل وثالثة ورابعة ـ حق مشروع له بشرط القدرة على القيام بحقوق الزوجات والعدل بينهن وعدم الميل إلى واحدة على حساب الأخرى, ولا يشترط في ذلك علم الزوجة الأولى ولا إذنها ولا يشترط إذن أولاده السابقين ولا علمهم، وراجع الفتوى رقم: 124568.
وأما بخصوص الأولاد، فإن العدل بينهم في العطايا ونحوها واجب على الراجح من كلام أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 64930.
وعليه، فلا يجوز للأب أن يفضل بعض أولاده على بعض إلا إذا وجد مسوغ للتفضيل من فقر أو مرض ونحو ذلك، كما بيناه في الفتوى رقم: 14254. وما تقومون به من الضغط على أبيكم ليكتب لكم بعض أملاكه غير جائز، لأن هذا المال حق خالص له ولا يجوز لكم أن تأخذوه منه إلا بطيب نفس منه, والأب له على ولده حق البر والصلة، وإكراهه على ما لا يريده من العقوق, والعقوق من كبائر الذنوب, هذا بالإضافة إلى أنكم لا تجزمون بأن هذه الأموال التي يحصلها أبوكم من بيع ممتلكاته يفضَل بها أولاده الآخرين, بل إن الأمر منكم مجرد ظنون، والظن لا يغني من الحق شيئا, ثم إنه إذا استجاب لكم وخصكم بهذه الأملاك ـ والحال أنه لم يعط أولاده الآخرين مثلها ـ فإنكم تكونون قد أوقعتموه في الظلم والجور, وهذا لا يجوز إضافة إلى أنه لا يشرع لكم حينئذ أن تنتفعوا بهذه الأموال دون باقي إخوتكم فاتقوا الله سبحانه وتوكلوا عليه وحده في أمر الرزق واحذروا أن يجركم حب الدنيا إلى الظلم والعقوق، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشحّ، فإن الشحّ أهلك من كان قبلكم، وحملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
ولكن لا مانع أن تذكروا أباكم بأسلوب لين رفيق بأن الشرع الحنيف أمر بالعدل بين الأولاد والزوجات، بل هذا من حق أبيكم عليكم أن تنصحوا له.
وأما إخفاء أبيكم أمر زوجاته الأخريات وأولاده منهن فهذا غير جائز، لأنه إذا مات على هذه الحالة فسيؤدي هذا إلى ضياع حقوق الورثة، ثم إلى قطيعة الرحم بين الإخوة وهذا لا يجوز.
ولا يجوز لكم أن تسيئوا الظن بأبيكم وعمتكم فيما تذكرون من أمر السحر والشعوذة، فإن إساءة الظن بالبرآء ظلم عظيم، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات: 12}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي وغيره: إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث. صححه الألباني. وقال أيضا لما نظر إلى الكعبة: مرحباً بكِ من بيتٍ، ما أعظمَكِ، وأعظمَ حرمَتَكِ وللمؤمنُ أعظمُ حرمةً عند اللهِ منكِ، إن اللهَ حرّم منكِ واحدة، وحرّمَ مِنَ المؤمنِ ثلاثاً: دمَه، وماله، وأن يُظَنَّ به ظنُّ السُّوءِ. أخرجه البيهقي وغيره، وصححه الألباني.
وننصحكم بالمحافظة على الرقية الشرعية خصوصا إذا تيقنتم من شيء من هذا الذي ذكرت، وقد بينا كيفية الرقية الشرعية في الفتاوى التالية أرقمها: 22104 ، 2244 ، 80694. وراجع حكم التحية بـ ـ صباح الخير ـ في الفتوى رقم: 74681.
والله أعلم.