الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان قد تبين أن الزيت الذي اشتريته آخر مرة مغشوش غشاً يؤثر نقصاً من قيمته بحسب عرف التجار، ولم تكن تعلم بذلك فلا إثم عليك.. ولكن يلزمك أن تخبر من بعت لهم بهذا الغش، ثم بعد ذلك هم بالخيار إن شاؤوا فسخوا البيع وردوا الزيت إن كان موجوداً، أو يمسكوا الزيت وتدفع إليهم الأرش وهو فارق السعر بين المغشوش والسليم.
وأما إذا لم يعد الزيت موجوداً لديهم فليس لهم عليك إلا الأرش لتعذر الرد، وما قلناه بينك وبينهم ذلك هو الحكم بينك وبين البائع الأول، جاء في المغني لابن قدامة: مَتَى عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ، فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالْفَسْخِ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ عَلِمَ الْعَيْبَ وَكَتَمَهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا خِلَافًا... انتهى.
وقال في المغني أيضا: إذَا اشْتَرَى مَعِيبًا فَبَاعَهُ، سَقَطَ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ. فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ، فَأَرَادَ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ الْأَوَّلِ، نَظَرْنَا، فَإِنْ كَانَ بَاعَهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، أَوْ وُجِدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ رِضًا بِالْعَيْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ، فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ. انتهى.
والله أعلم.