الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب نريد أولاً أن ننبهك إلى الخطأ في قولك (لست متدينة) فمن جهة يجب على المسلم أن يكون متديناً أي قائماً بالواجبات مجتنباً للمحرمات كما أمره خالقه، ومن جهة أخرى فإن هذه العبارة متناقضة مع ما ذكرته من حرصك على أن يرضى الله عنك في الدنيا والآخرة.. ومما لا شك فيه أنه يجب على المسلم أن يقصد بأعماله الصالحة ابتغاء وجه الله والإخلاص له فيها سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ {الزمر:11}، وقال أيضاً: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ {البينة:6}، وثبت في الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
وعليه، فإذا قام المسلم بالذكر المعين وليس له غرض إلا أن يحصل ما تضمنه ما ترتب عليه من حظ دنيوي فإن ذلك ينافي الإخلاص، وأما إن قصده تبعاً لأدائه الذكر لله تعالى فلا حرج في ذلك، قال ملا علي القاري في شرحه على مشكاة المصابيح أثناء شرحه لبعض الأحاديث: وفي هذه الأحاديث إشارة إلى أن العمل لله مع رجاء الثواب الذي رتبه على ذلك العمل وطلب حصوله لا ينافي الإخلاص والكمال، وإن نافى الأكمل وهو العمل ابتغاء وجه الله تعالى لا لغرض ولا لعوض. انتهى.
وقال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرحه للأربعين النووية عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم: ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة. قال: وهذا من الثواب الذي جُعل في الدنيا والآخرة، فلا بأس من أن يقصده المسلم في أن ييسر على إخوانه رغبة فيما عند الله -جل وعلا- ورغبة في أن ييسر عليه في الدنيا والآخرة، لأن هذا كما ذكرنا في شرح حديث: إنما الأعمال بالنيات. لا ينافي الإخلاص. فإن العمل إذا رتب عليه الثواب في الدنيا أو في الدنيا والآخرة وجاءت الشريعة بذلك فإن قصده مع ابتغاء وجه الله جل وعلا والإخلاص له لا حرج فيه. انتهى.. فنرجو بهذا البيان أن يكون قد اتضح لك الأمر وزال عنك الإشكال.
والله أعلم.