الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فعزمُ الزوج على عدم وطء زوجته ليس بإيلاء عند جمهور أهل العلم خلافا للمالكية القائلين بكونه إيلاء إذا قصد الزوج الإضرار بها وهي رواية عند الحنابلة، قال ابن رشد في بداية المجتهد: وأما لحوق حكم الإيلاء للزوج إذا ترك الوطء بغير يمين، فإن الجمهور على أنه لا يلزمه حكم الإيلاء بغير يمين، ومالك يلزمه ذلك إذا قصد الإضرار بترك الوطء، وإن لم يحلف على ذلك، فالجمهور اعتمدوا الظاهر، ومالك اعتمد المعنى، لأن الحكم إنما لزمه باعتقاده ترك الوطء، وسواء شد ذلك الاعتقاد بيمين أو بغير يمين، لأن الضرر يوجد في الحالتين جميعا. انتهى.
وإذا عزم الزوج على عدم الوطء لعذر كمرض مثلا لم يضرب له أجل الإيلاء، وإن كان لغير عذر فعلى رواية لبعض أهل العلم يضرب له أجل الإيلاء، فإن مضت له أربعة أشهر أمر بالطلاق أو الوطء، قال ابن قدامة في المغني: فإن ترك الوطء بغير يمين لم يكن موليا، لأن الإيلاء الحلف، ولكن إن ترك ذلك لعذر من مرض أو غيبة ونحوه لم تضرب له مدة, وإن تركه مضرا بها, فهل تضرب له مدة ؟ على روايتين: إحداهما: تضرب له مدة أربعة أشهر, فإن وطئها, وإلا دعي بعدها إلى الوطء, فإن امتنع منه أمر بالطلاق, كما يفعل في الإيلاء سواء، لأنه أضر بها بترك الوطء في مدة الإيلاء فيلزم حكمه, كما لو حلف. انتهى.
وحتى على تقدير حلف الزوج، فإن الزوجة لا تطلق بمجرد انتهاء المدة عند الجمهور، وإنما يكون للزوجة الحق في الرفع إلى القاضي، فيأمر الزوج بالطلاق أو يطلقها القاضي إن امتنع الزوج، وذهب الحنفية إلى أن الطلاق يحصل بمجرد انتهاء المدة.
ويمين الإيلاء ينعقد بمجرد التلفظ به ولا يشترط فى وقوعه سماع الزوجة ولا حضورها، ولكن الزوجة إذا لم ترفع زوجها إلى القضاء حتى انتهت المدة التي حلف على ترك الوطء فيها، فإن إيلاءه ينحل ولا تلزمه كفارة إذا لم يكن وطئ في المدة التي حلف عليها.
والله أعلم.