الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 58306، ما وقفنا عليه من آراء الأئمة الأربعة في مسألة التوسل بذات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسؤال الله تعالى بجاهه أو حقه.
وأما آراؤهم في مسألة سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم، كقول: يا محمد اسأل لنا ربك، ونحو ذلك، فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ـ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة: وكذلك من نقل عن مالك أنه جوز سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره بعد موتهم، أو نقل ذلك عن إمام من أئمة المسلمين ـ غير مالك ـ كالشافعي وأحمد وغيرهما، فقد كذب عليهم. هـ.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي: أما دعاؤه هو صلى الله عليه وسلم وطلب استغفاره وشفاعته بعد موته، فهذا لم ينقل عن أحد من أئمة المسلمين ـ لا من الأئمة الأربعة ولا غيرهم ـ بل الأدعية التي ذكروها خالية من ذلك. هـ. وقال أيضا: الحكاية في تلاوة مالك هذه الآية: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم. الآية.
فهو ـ والله أعلم ـ باطل، فإن هذا لم يذكره أحد من الأئمة ـ فيما أعلم ـ ولم يذكر أحد منهم أنه يستحب أن يسأل بعد الموت لا استغفارا ولا غيره، وكلامه المنصوص عنه وعن أمثاله يتنافى مع هذا، وإنما يعرف مثل هذا في حكاية ذكرها طائفة من متأخري الفقهاء. هـ.
وأما المراجع العامة لهذه المسائل فأهمها كتاب: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ـ لشيخ الإسلام ابن تيمية. ومن الأبحاث المعاصرة في هذه المسألة كتاب: التوسل: أنواعه وأحكامه ـ للشيخ محمد ناصر الدين الألباني. وكتاب: التوصل إلى حقيقة التوسل ـ للشيخ محمد نسيب الرفاعي. ورسالة: حقيقة التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم شبهات وردود ـ للأستاذ الدكتور: عبد الله بن محمد الطيار.
والله أعلم.