الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الجلوس في المسجد للتعلم عبادة من العبادات العظيمة التي يجمتمع فيها شرف العمل والمكان ففي حديث مسلم: وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله؛ يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.
وعن أبي هريرة أنه مر بسوق المدينة فوقف عليها فقال يا أهل السوق ما أعجزكم قالوا: وما ذاك يا أباهريرة؟ قال: ذاك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم وأنتم هاهنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه. قالوا وأين هو؟ قال: في المسجد، فخرجوا سراعا ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا فقال لهم مالكم فقالوا قد أتينا المسجد فدخلنا فيه فلم نر شيئا يقسم، فقال لهم أبو هريرة وما رأيتم في المسجد أحدا؟ قالوا: بلى رأينا قوما يصلون وقوما يقرءون القرآن وقوما يتذاكرون الحلال والحرام. فقال لهم أبو هريرة: ويحكم فذاك ميراث محمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني بإسناد حسن كما قال المنذري وحسنه الألباني.
وقد كان من هدي السلف تعمير المساجد بالتعليم، فكان ربيعة ومالك رحمهما الله تعالى يدرسان بالمسجد النبوي، وكذا كان أبو الدرداء يدرس بمسجد دمشق وغير هؤلاء كثير عبر تاريخ الإسلام، وما زال هذا الهدي موجودا في كثير من مساجد المسلمين.
فينبغي التشجيع والتنويه بأمثال هؤلاء وإعانتهم وتكثير سوادهم والتنافس معهم في طلب العلم.
وإذا كان هؤلاء لا يحسنون الدعوة أو لا يمكنون منها، فقد قاموا بما أمكنهم وما هو في مقدورهم، فعلى الآخرين ممن يصلحون لذلك ويقدرون عليه أن يسدوا هذه الثغرة ويدعون إلى الله تعالى ويسعون في هداية الناس، مع دعوتنا لأولئك المشتغلين بالعلم أن يولوا الدعوة اهتماهم أيضا.
فمن تعلم بابا من العلم أو آية أو حديثا فليحرص على العمل به وعلى تعليمه لغيره وحضه على العمل به.
ففي الحديث: أن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره. رواه ابن ماجه بإسناد حسن كما قال المنذري وحسنه الألباني.
وفي الحديث: من علم علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل شيئا. رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.
وفي الحديث: نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
والحديث: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري.
وفي الحديث: تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم . رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني.
وفي الحديث: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم . رواه البخاري.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 44674، 99411، 124488.
والله أعلم.