الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبهك ـ أولا ـ إلى أن الواجب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة هو قول: اللهم صل على محمد، وما زاد على ذلك من تمام الصلاة الإبراهيمية سنة لا واجب، جاء في الروض المربع مع حاشيته لابن قاسم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه أي في التشهد الأخير، لحديث كعب، والركن منه ـ اللهم صل على محمدـ لظاهر الآية وما بعده سنة، وعنه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه سنة وهو قول أكثر الفقهاء.
فإذا كنت قد فرغت من القدر الواجب في التشهد وأتيت بالواجب من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإنك تتابع الإمام وتسلم بعد تسليمه دون تأخر، ولا تشتغل بفعل مسنون من تمام الصلاة الإبراهيمية ولا ما عداها من الدعاء إلا ما كان يسيرا، خروجا من خلاف من منع ذلك من العلماء، قال الحطاب في مواهب الجليل: قال التلمساني في شرح الجلاب: إنه لا يجوز الاشتغال بعد سلام الإمام بدعاء ولا غيره. انتهى.
وقال في مطالب أولي النهى: فإن سبق إمام بالسلام قبل أن يكمل مأموم دعاء التشهد أتمه إن كان يسيرا ثم سلم، وإن كان كثيرا تابعه بالسلام ولا يشتغل بإتمام ذلك، نقله أبو داود. انتهى.
وأما إذا كنت لم تأت بشيء من الواجب في التشهد فأت به ثم سلم ولو تأخرت عن الإمام، لأنك مشتغل بواجب، قال البهوتي في كشاف القناع: وقال في المغني والشرح، وابن الجوزي في المذهب، وغيرهم: يستحب أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد فراغ الإمام مما كان فيه. اهـ.
وذلك لحديث: إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا. إذ الفاء للتعقيب فلو سبق الإمام المأموم بالقراءة وركع الإمام تبعه المأموم، لما تقدم وقطعها ـ أي القراءة ـ لأنها في حقه مستحبة، والمتابعة واجبة، ولا تعارض بين واجب ومستحب بخلاف التشهد إذا سبق به الإمام وسلم فلا يتابعه المأموم، بل يتمه إذا سلم إمامه ثم يسلم لعموم الأوامر بالتشهد. انتهى.
وقال العلامة ابن باز ـ رحمه الله: عليك أن تكمل التشهد ولو تأخرت بعض الشيء عن إمامك، لأن التشهد الأخير ركن في أصح قولي العلماء، وفيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
فالواجب أن تكمله ولو بعد سلام الإمام.
ويرى الشافعية أنه لا حرج على المأموم في أن يتأخر بعد سلام إمامه ما شاء، لأن القدوة تنقطع بسلام الإمام، قال النووي في المنهاج: وَتَنْقَضِي الْقُدْوَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ، فَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِدُعَاءٍ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يُسَلِّمَ. انتهى.
والله أعلم.