الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب قبل قسمة التركة سداد ديون الميت, لأن الدين مقدم على حق الورثة في المال كما بيناه في الفتوى رقم:6159. وبعد سداد الدين تقسم التركة على الورثة.
ومن توفي عن زوجة، أب، وجدتين هما ( أم الأم وأم الأب ) وأخت شقيقة. ولم يترك وارثا غيرهم. فإن لزوجته الربع لقول الله تعالى: ... وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ ... {النساء: 12}. وللجدتين السدس بينهما بالسوية – على القول بأن أم الأب ترث مع وجود الأب - لما رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي أن أبا بكر رضي الله عنه أعطى الجدتين السدس فقال: ... هو ذاك السدس فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما .. اهـ. وما بقي بعد سدس الجدتين يأخذه الأب تعصيبا لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ . متفق عليه. ولا شيء للأخت الشقيقة لأنها تحجب بالأب حجب حرمان فلا ترث عند وجوده.
فتقسم التركة على اثنى عشر سهما, للزوجة ربعها ( 3 ) أسهم, ولكل جدة سهم واحد, وللأب ( 7 ) أسهم.
وننبه إلى أن هذا التوريث على القول بأن الجدة ( أم الأب ) ترث مع وجود ابنها ( الأب ) كما هو قول الحنابلة لأن الجدة ترث نصيب الأم فلا تسقط بابنها, وذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنفية إلى أنها لا ترث وتسقط به لأن كل من أدلى بواسطة سقط به عند وجوده, وعلى هذا القول يكون السدس كاملا لأم الأم فتأخذ سهمين من المسألة السابقة.
ولعل قول الجمهور هو الأقرب إلى الرجحان لضعف الأثر المستدل به من قبل أهل الرأي الآخر.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.