الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الإجابة على سؤالك نقول: على المسلم ذكرا كان أو أنثي الإعراض عما لا يفيد من الأقوال والأفعال، وأن يعلم أن كلامه من عمله فسيجد في صحيفة أعماله يوم القيامة ما نطق به من خير وشر، ويحرم عليه الخوض في أعراض المسلمين وتتبع عوراتهم والتنقيب عن مساوئهم ويجتنب المجالس المشتملة على اللغو والكلام المحرم من الحديث في أعراض المسلمين وإشاعة الفاحشة والطعن في الأعراض مع نصح من يقوم بمثل هذه الأمور المحرمة.
وبخصوص سؤالك فأنت آثمة بإخبار صديقتك بشأن تلك العلاقة المحرمة المستندة إلى إشاعات، ولا يعتبر ما وقعت فيه قذفا يترتب عليه الحد الشرعي بل غيبة محرمة كما تقدم في الفتوى رقم: 126969، والفتوى رقم: 30061.
وعموما فقد ثبت التحذير من حكاية الحديث بمجرد سماعه دون التأكد من صحته بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: كفي بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. رواه الإمام مسلم في صحيحه.
ودخول الجنة من أمور الغيب التي لا يمكن القطع به لشخص معين إلا بدليل من كتاب أو سنة صحيحة كما سبق في الفتوى رقم: 4625.
ولا يسقط عنك الإثم باعتراف الفتاة نفسها لصديقتك بما حصل، فأنت قد وقعت في عرضها وكان الأجدر بك الستر عليها ولو تحققت من وقوعها في الفاحشة، والفتاة الأخرى أيضا لا يعتبر الخوض في عرضها مع الخائضين وتبادل الإشاعات في شأنها قذفا بل هو غيبة كما تقدم.
وكان الأجدر بك البعد عن الخوض في تلك الأمور ونصح مَن يخوض فيها من الأهل وغيرهم، فإن عجزت أو لم تفد النصيحة فلتنصرفي عن ذلك المجلس.
قال الإمام النووي في رياض الصالحين: باب تحريم سماع الغيبة وأمر من سمع غيبةً مُحرَّمةً بِرَدِّها والإنكارِ عَلَى قائلها فإنْ عجز أَوْ لَمْ يقبل منه فارق ذلك المجلس إن أمكنه. انتهى.
كما تأثمين أيضا بمواجهة تلك الفتاة وسؤالها عن حقيقة أمرها فذلك من كشف عورات المسلين وتتبعها، كما تأثمين بإسماعها كلاما قاسيا لتعترف بما أشيع عنها فهذا من الأذى في حقها وهو أمر محرم بلا شك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن الترمذي عن ابن عمر قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله.
قال: ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك.
وقال الشيخ الألباني: حسن صحيح.
إضافة إلى إقدامك على السؤال والاهتمام بما لا يعنيك ولا يفيدك فلست مطالبة بالتحقيق مع تلك الفتاة ولا أخذ إقرارها.
وعليه فننصحك بالتوبة إلى الله تعالى فورا والإكثار من الاستغفار مع البعد عن الخوض في أعراض المسلمين وطلب السماح من تلك الفتاة عما أقدمت عليه تجاهها من هتك عرض وتتبع عورة وأذى بالكلام إلى غير ذلك.
وعلى أية حال فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له كما في الحديث الشريف، فاصدقي وأخلصي التوبة لله.
والله أعلم.