الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج عليك في استقبال المرأة الثانية التي تريد خطبتك لابنها، فما دمت لم توافقي على الخاطب الأول، فليس ذلك من الخطبة على الخطبة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما تحرم الخطبة إذا رضيت المرأة بالخاطب الأول، ففي حديث فاطمة بنت قيس: قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِى. صحيح مسلم. 4 ـ195.
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قد أَخْبَرَتْهُ فَاطِمَةُ أَنَّ رَجُلَيْنِ خَطَبَاهَا وَلَا أَحْسِبُهُمَا يَخْطُبَانِهَا إلَّا وقد تَقَدَّمَتْ خِطْبَةُ أَحَدِهِمَا خِطْبَةَ الآخر، لِأَنَّهُ قَلَّ ما يَخْطُبُ اثْنَانِ مَعًا في وَقْتٍ فلم تَعْلَمْهُ قال لها ما كان يَنْبَغِي لَك أَنْ يَخْطُبَك وَاحِدٌ حتى يَدَعَ الْآخَرُ خِطْبَتَك وَلَا قال ذلك لها وَخَطَبَهَا هو صلى اللَّهُ عليه وسلم على غَيْرِهِمَا ولم يَكُنْ في حَدِيثِهَا أنها رَضِيَتْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا سَخِطَتْهُ وَحَدِيثُهَا يَدُلُّ على أنها مُرْتَادَةٌ وَلَا رَاضِيَةٌ بِهِمَا وَلَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمُنْتَظِرَةٌ غَيْرَهُمَا أو مُمِيلَةٌ بَيْنَهُمَا، فلما خَطَبَهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أُسَامَةَ وَنَكَحَتْهُ دَلَّ على ما وَصَفْت من أَنَّ الْخِطْبَةَ وَاسِعَةٌ لِلْخَاطِبَيْنِ ما لم تَرْضَ الْمَرْأَةُ. الأم. 5 ـ162.
ولمزيد من الفائدة راجعي الفتوى رقم: 47598.
والله أعلم.