الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن صلة الرحم من أعظم القربات التي يتقرب بها إلى علام الغيوب جل وعلا. وقد ورد الحث الشديد على صلتها والتحذير من قطيعتها. وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 104587 .
فإن كان الأمر على ما ذُكر من كون الأرحام من أهل الغفلة، والبعد عن الله سبحانه، فالواجب نصحهم وتذكيرهم بالله سبحانه وبحقه عليهم، وينبغي للقريب أن يبالغ في نصحهم ويكثر من ذلك، فلعل الله أن يكتب لهم الهداية على يديه، فيحوز بذلك الأجر العظيم عنده سبحانه.
فإن قام بواجبه تجاههم من النصح والوعظ ولم يُجد ذلك معهم، فينبغي حينئذ التفريق بين الوالدين وبين غيرهما. فأما الوالدان فلا يجوز هجرهما بحال حتى وإن كانا كافرين يدعوان ابنهما إلى عبادة غير الله، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 22420 .
ولكن يهجران في المعصية فقط، ويستمر البر بهما في بقية الأوقات، ويجوز التقليل من مخالطتهما بالقدر الذي يدفع عن الولد فتنة الدين.
أما ما سوى الوالدين فلا حرج في هجرهم واعتزالهم، بل قد يجب ذلك إذا كانت مخالطتهم ستسبب فتنة في الدين أو ضعفا في الإيمان. وقد بينا ذلك بالتفصيل في الفتويين: 29501، 119581 .
والله أعلم.