الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالطبيب الماهر الحاذق الذي اجتهد فوصف للمريض دواء فأخطأ في اجتهاده، وكانت الحالة مما يختص بعلاجها، فتلف بذلك الدواء عضو أو مات بسببه، فهو ضامن لذلك، وإن كان لا يأثم، بمعنى أنه لا يتعلق به مسؤولية في الآخرة. والضمان يكون بدفع الدية وهي في الخطأ على العاقلة لا على المتسبب في الوفاة. كما سبق بيانه مع بيان بقية حالات خطأ الطبيب وما يترتب عليه، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 5852، 5178، 65597، 55184.
قال ابن القيم في زاد المعاد: الطبيب الحاذق الماهر بصناعته اجتهد فوصف للمريض دواء فأخطأ في اجتهاده فقتله، فهذا يخرج على روايتين: إحداهما أن دية المريض في بيت المال. والثانية أنها على عاقلة الطبيب. وقد نص عليهما الامام أحمد في خطأ الإمام والحاكم. اهـ.
وقال ابن رشد في بداية المجتهد: الدية فيما أخطأه الطبيب عند الجمهور على العاقلة، ومن أهل العلم من جعلها في مال الطبيب. ولا خلاف أنه إذا لم يكن من أهل الطب أنها في ماله. اهـ.
هذا بخلاف ما إذا كانت الوفاة بسبب تأخر تشخيص المرض وما يتبعه من تأخر تقرير طريقة العلاج، كما هو ظاهر السؤال، ففي هذه الحالة لا إثم ولا ضمان على الطبيب إذا أدى ما عليه وبذل ما في وسعه، وكان هذه التأخر بعلة متعارف عليها بين أهل المهنة، كالقاعدة التي ذكرها السائل الكريم: انتظر لترى الأعراض الحقيقية. ويتأكد هذا إذا لم تكن هناك أسباب مساعدة على سرعة تشخيص المرض نحو عدم توفر السونار كما ذكر السائل. فإن الوفاة إذا حصلت بسبب نقص الإمكانيات أو كثرة المرضى وانشغال الطبيب بأحدهم عن الآخرين، وما إلى ذلك من ظروف العمل، فهذا ليس للطبيب فيه دخل، وليس عليه فيه ضمان، وراجع الفتوى رقم: 114590.