الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما عن القسمة الأولى فإذا رضي الورثة بها وكانوا بالغين رشداء فهي جائزة ما دامت عن تراض منهم والصلح جائز بين المسلمين, وقد بينا جواز قسمة التراضي ـ ولو حصل فيها غبن لبعض الورثة ـ ما دام الوارث بالغا رشيدا، كما في الفتوى رقم: 66593، عن قسمة التركة بأنواع القسمة الثلاثة, ولا يحق لأحد من الورثة نقض تلك القسمة بعد الاتفاق عليها وفض مجلسها، لأن قسمة التراضي في معنى البيع وخيارها خيار المجلس كالبيع، فإذا انفض المجلس صارت لازمة وانتهى الخيار, قال صاحب الزاد في باب الخيار: خيار المجلس: يثبت في البيع، والصلح بمعناه.هـ.
قال في الشرح: وكالبيع الصلح بمعناه كما لوأقر بدين أوعين ثم صالحه عنه بعوض وقسمة التراضي. هـ.
وأما الأرض التي ظهرت بعد ذلك، فإنها لا تدخل في الصلح, جاء في البحر الرائق من كتب الحنفية لابن نجيم: وإذا صَالَحُوا أَحَدَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ أوعَيْنٌ لم يَعْلَمُوهَا، هل يَكُونُ دَاخِلًا في الصُّلْحِ؟ فيه قَوْلَانِ مَذْكُورَانِ في فَتَاوَى قاضي خان: قُدِّمَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا وَيَكُونُ ذلك الدَّيْنُ وَالْعَيْنُ بين جَمِيعِ الْوَرَثَةِ.هـ.
والخلاصة أنه لا تلزم قسمة التركة من جديد لمجرد الحصول على أرض أخرى, ولا ينقض الصلح الأول إلا بتراض منكم جميعا, والأرض المستحدثة يجوز لكم قسمتها بأحد الأنواع الثلاثة المذكورة في الفتوى المحال إليها, إما مهايأة، أوقسمة تراض، أوقسمتها بطريقة الميراث، فيكون للزوجة ثمنها والباقي يقسم بين الابن والبنات الثلاث للذكر مثل حظ الأنثيين, فتقسم على ( 40 ) سهما, للزوجة ثمنها ( 5 ) أسهم، وللابن ( 14 ) سهما, ولكل بنت ( 7 ) أسهم.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.