الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تكون بما ذكرته متمتعاً ولا يلزمك هدي، لأن التمتع هو الإحرام بالعمرة في أشهر الحج، ثم التحلل منها والإحرام بالحج في نفس السنة، وما دمت قد أحرمت بالعمرة في رمضان فلست بذلك متمتعاً، وسواء أديت مناسك العمرة في رمضان كما هو الظاهر أوبعده على الراجح، وإن كان كثير من أهل العلم يذهبون إلى أن من أحرم بالعمرة في غير أشهر الحج وتحلل منها في أشهره يكون متمتعاً، قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم بين أهل العلم خلافاً في أن من اعتمر في غير أشهر الحج عمرة وحل منها قبل أشهر الحج أنه لا يكون متمتعاً إلا قولين شاذين، فأما إن أحرم بالعمرة في غير شهر الحج ثم حل منها في أشهر الحج فمذهب أحمد أنه لا يكون متمتعاً ونقل معنى ذلك عن جابر وأبي عياض وهو قول إسحاق وأحد قولي الشافعي، وقال طاووس: عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم، وقال الحسن والحكم وابن شبرمة والثوري والشافعي في أحد قوليه: عمرته في الشهر الذي يطوف فيه، وقال عطاء: عمرته في الشهر الذي يحل فيه وهو قول مالك، وقال أبو حنيفة: إن طاف للعمرة أربعة أشواط في غير أشهر الحج فليس بمتمتع. انتهى.
وعلى فرض كونك قد أديت العمرة في أشهر الحج فلست متمتعاً كذلك، لكونك رجعت إلى بلدك بعد أداء العمرة وشرط لزوم الهدي وصدق اسم التمتع على الحاج أن لا يرجع إلى بلده بعد أداء العمرة، قال ابن قدامة مبيناً مذاهب العلماء في هذه المسألة: الثالث: أي من شروط لزوم الهدي في حج التمتع، أن لا يسافر بين العمرة والحج سفراً بعيداً تقصر في مثله الصلاة نص عليه وروي ذلك عن عطاء والمغيرة المديني وإسحاق، وقال الشافعي: إن رجع إلى الميقات فلا دم عليه، وقال أصحاب الرأي: إن رجع إلى مصره بطلت متعته وإلا فلا، وقال مالك: إن رجع إلى مصره أو إلى غيره أبعد من مصره بطلت متعته وإلا فلا، وقال الحسن: هو متمتع وإن رجع إلى بلده واختاره ابن المنذر. انتهى.
وبه تعلم أن مذهب الجمهور خلافاً للحسن وابن المنذر أن من رجع إلى بلده بعد أداء العمرة في أشهر الحج ثم حج من عامه فإنه ليس متمتعاً، قال الشيخ العثيمين ـ رحمه الله: إذا رجع المتمتع إلى بلده ثم أنشأ سفراً للحج من بلده فهو مفرد، وذلك لانقطاع ما بين العمرة والحج برجوعه إلى أهله، فإنشاؤه السفر معناه أنه أنشأ سفراً جديداً للحج وحينئذ يكون حجه إفراداً، فلا يجب عليه هدي التمتع حينئذ. انتهى.
والله أعلم.