الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أخي السائل أنك لا تؤاخذ على ما ترى في منامك أنك تقوله أو تفعله، فالنائم مرفوع عنه الحرج والتكليف حتى يستيقظ، لقوله صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم. رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم في المستدرك - واللفظ له - وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.
وما رأيته في منامك هو ما يسمى بالحلم، كما ورد في الأحاديث، وهذا من تهاويل الشيطان ليحزن المؤمن، فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرؤيا ثلاثة: فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل ولا يحدث بها الناس. رواه مسلم.
وقد اشتكى الصالحون قبلنا من بعض الرؤى المزعجة حتى كان أحدهم يمرض من هول ما رأى حتى سمعوا العلاج النبوي واستعملوه فزال عنهم ما كانوا يجدون، فعن عبد ربه سعيد قال: سمعت أبا سلمة يقول: لقد كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت أبا قتادة يقول: وأنا كنت لأرى الرؤيا تمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الحسنة من الله.
وفي رواية: الرؤيا الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها ومن شرالشيطان وليتفل ثلاثاً ولا يحدث بها أحداً فإنها لن تضره. رواه البخاري - واللفظ له - ومسلم.
وفي روايته قول أبي قتادة رضي الله عنه: إن كنت لأرى الرؤيا أثقل علي من جبل فما هو إلا أن سمعت بهذا الحديث فما أباليه.
وقد يكون هذا الحلم من حديث النفس مما رأيته في اليقظة من سب لله تعالى، وعلى كل حال فلا تحزن فما رأيته لا يقدح في التزامك بدينك ولن يضرك ـ إن شاء الله ـ قال هشام بن حسان: كان ابن سيرين يُسأل عن مائة رؤيا فلا يجيب فيها بشيء إلا أن يقول: اتق الله وأحسن في اليقظة، فإنه لا يضرك ما رأيت في النوم. الآداب الشرعية لابن مفلح.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 64867، 73361، 11014 ، ففيها بيان لأسباب الرؤى السيئة ووسائل دفعها والآداب التي ينبغي مراعاتها تجاه هذه الرؤى السيئة.
والله أعلم.