الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
2- وأما سؤالك عن كون الإسلام هو الدين الحق فهذا ممّا لا يجوز أن يرتاب فيه مسلم، ومما يؤسف له أن بعض المسلمين قد صار يسأل عن دليل كون الإسلام هو الدين الحق، وهذا أمر أوضح من الشمس في رابعة النهار، فحذار حذار أيها الأخ الكريم أن يساورك أدنى شك في هذه العقيدة وتلك الحقيقة الكبرى، وهي أن الله لا يقبل دينا غير الإسلام، وإلا كنت على خطر عظيم، ولو لم يكن دليلا إلا قول الله تعالى: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ. {آل عمران:85}. لكفى بينة واضحة ودليلا مبينا على أن الإسلام هو دين الله الحق، قال تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ. {آل عمران:19} .
والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ويجب أن تعلم أن الإسلام هو دين جميع الرسل، فإن الله ما بعث نبيا إلا وهو يدعو إلى توحيده وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ. {الأنبياء: 25}. وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ. {النحل: 36}. وبين تعالى أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء عليهم السلام فقال عن إبراهيم عليه السلام: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ. {البقرة: 131}. وقال عن نوح عليه السلام: وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. {يونس: 72}. وقال يوسف عليه السلام: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ {يوسف101}. وقالت ملكة سبأ: وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. {النمل: 44}. وقال سحرة فرعون لما أسلموا: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ. {الأعراف: 126}. وقال الحواريون للمسيح عليه السلام: آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. {آل عمران: 52}. فدل على أنه عليه السلام كان يدعوهم إلى الإسلام الذي هو دين جميع الأنبياء.
وأما سؤالك عن سر عدم إسلام النصارى مثلا، فقد هدى الله تعالى كثيرا منهم ممّن علم فيهم الخير، وأما من بقي على الضلال منهم فقد أضله الله بحكمته البالغة لعلمه أنه لا يزكو بالإيمان ولا ينبت قلبه إلا الشر والضلال كما قال تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ. {الأنفال: 23}. والله تعالى هو المنفرد بالهداية والإضلال، كما قال تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ. {الأنعام: 125}. وله الحجة على جميع خلقه وليس لهم الحجة عليه تعالى، فهو سبحانه لا يظلم الناس شيئا، ولكن الناس أنفسهم يظلمون، قال تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ. {الأنعام: 149}.
فعليك أيها الأخ الكريم أن تعلم أن الله تعالى حكيم يهدي من يشاء ويضل من يشاء على مقتضى الحكمة. فنسأله تعالى الهداية، ونعوذ به من الضلال. وعليك أن تعلم أن الله عدل لا يعذب أحدا ولا يضله إلا بعد إقامة الحجة عليه، قال تعالى: وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ. {التوبة: 115}.
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا، وأن يثبتنا عليه حتى نلقاه.
والله أعلم.