الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا تعارض بحمد الله بين الفتويين، فإننا لم نتعرض في الفتوى رقم: 113612. لحكم الاستمناء إلا عرضا ولم ننقل الإجماع على تحريمه، وإنما تكلمنا فيها عن أثر الاستمناء على الصوم، ولمعرفة حكم الاستمناء وكلام أهل العلم فيه راجع الفتوى رقم: 123814. ثم إننا في الفتوى المشار إليها لم نذكر لفظ الإجماع وإنما نقلنا كلام ابن قدامة في أن من قبل فأمنى فسد صومه بغير خلاف، وكذا من استمنى فأنزل لأنه في معناه ولم يذكر الموفق خلافا في المسألة، وقد اختلف الأصوليون هل قول المجتهد لا أعلم فيه خلافا يعد إجماعا أو لا؟ على تفصيل لهم راجعه في البحر المحيط للزركشي، وخلاف بعض الحنفية في التفطير بالاستمناء غير معتبر، فإن المعتمد في مذهب الحنفية هو أن الاستمناء مفطر وموجب للقضاء، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة ولا خلاف بينهم في ذلك فإن ابن قدامة لم يشر إلى خلاف في المسألة وكذا النووي مع تقصيه واستيعابه وتحريه لذكر الخلاف، لم يذكر في المسألة خلافا بل قال في شرح المهذب: إذا استمنى بيده وهو استخراج المني أفطر بلا خلاف عندنا. انتهى.
فعدم ذكر خلاف بعض الحنفية في الفتوى المذكورة لا غضاضة فيه لأنه متابعة لهؤلاء العلماء، وكأنه لقلة المخالف في المسألة لم يلتفتوا إليه، ولأن المعتمد عند الحنفية هو ما يوافق قول سائر العلماء، ونحن ننقل لك من كلام محققيهم ما يدل على ما ذكرناه.
قال محقق المذهب ابن عابدين في حاشيته: قوله وكذا الاستمناء بالكف، كونه لا يفسد لكن هذا إذا لم ينزل أما إذا أنزل فعليه القضاء كما سيصرح به وهو المختار كما يأتي. انتهى.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق: قالوا الصائم إذا عالج ذكره حتى أمنى يجب عليه القضاء وهو المختار، كذا في التجنيس والولوالجية وبه قال عامة المشايخ كذا في النهاية واختار أبو بكر الإسكاف أنه لا يفسد. انتهى. وبهذا تبين لك أن التفطير بالاستمناء هو المعتمد في المذاهب الأربعة.
والله أعلم.