الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما فهمناه من معطيات السؤال هو أن أمك لم يكن لها ورثة من أصحاب الفروض والعصبات غيرك، فإن كان الأمر كذلك فإنك تستحقين نصف التركة ـ بالفرض ـ لقول الله تعالى: وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ {النساء:11}.
وتستحقين النصف الآخر أيضا بالرد، وبذلك تستكملين جميع تركتها ـ بما فيها الشقة.
وأما إذا كان لها عصبة من الإخوة والأعمام وأبنائهم ـ وإن بعدوا ـ فإن النصف الآخر للعصبة، لما في الصحيحين مرفوعا: ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر.
وبخصوص وصيتها بالشقة المذكورة لك فإنها لا تصح، لأن البنت وارثة، والوصية لا تصح لوارث، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث. رواه أصحاب السنن وصححه الألباني.
كما ننبه السائلة الكريمة إلى أن انفصال أبيها عنهم وانشغاله بزوجته الأخرى أوأبنائه الآخرين إذا كان مجرد انفصال وانشغال ولم يكن طلاقا، فإنه لا يمنعه من الإرث من زوجته الثانية.
ولذلك فإذا كانت أمك قد توفيت وهي في عصمة أبيك أو في عدة طلاق رجعي منه، فإن له ربع تركتها، لقول الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ { النساء:12}.
ولا أثر لوصيتها بحرمانها من الإرث، والربع الآخر هو لك بالرد، ولا شيء لأبنائه من تركة أمك، لأنهم من زوجة أخرى، ونلفت انتباهك إلى أن تضييع أبيك لك وعدم قيامه بحقوقك لا يسقط حقه في البر والإحسان منك.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.