الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على أبيك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله عز وجل، فإن منع الزكاة أوالتهاون في إخراجها من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب ـ والعياذ بالله ـ وما يفعله أبوك من دفع قدر من التمر بلا تحر لقدر الواجب ولا طلب للمستحقين لا شك في أنه خطأ ظاهر، و كان الواجب على أبيك أن يحسب قدر الواجب عليه بخرص كل نخلة عند وقت نضج الثمرة ثم يخرجه بعد جذ النخيل، وهو العشر إن كان النخيل يسقى بلا كلفة ونصف العشر إن كان يسقى بكلفة، ثم يدفع هذا القدر الذي وجب عليه لأحد المستحقين من الأصناف الثمانية الذين عينهم الله تعالى لصرف الزكاة فيهم، فإن كان أبوك يدفع هذا القدر لهؤلاء الناس بلا نية الزكاة أصلا، فهذا لا يجزيه عن شيء من الواجب، فإن النية من شروط صحة العبادات كلها ـ ومنها الزكاة ـ لقوله صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.
وانظر الفتوى رقم: 124133، وأما إذا كان يدفع إليهم هذا القدر بنية الزكاة فعليه أن يتحرى فينظر من من المستحقين أخذ وكم أخذ ثم يخصم هذا القدر المجزئ والذي دفعه بنية الزكاة وأخذه مستحقه وما بقي فهو دين في ذمته، واعلم أن ذمة أبيك تبقى مشغولة بهذا الدين حتى يؤديه فلا بد له من المبادرة بإخراج زكاة جميع هذه السنين، لقوله صلى الله عليه وسلم: فدين الله أحق أن يقضى.متفق عليه.
وإن عجز عن معرفة ما يلزمه بيقين عمل بالتحري وغلبة الظن، وإن عجز عن إخراج جميع ما يلزمه أخرج ما يقدرعليه وأجل الباقي إلى وقت القدرة، لقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم{ التغابن: 16}.
وأما أنت فلا يلزمك أن تخرج عن أبيك شيئا، لأن الدين يلزمه هو، وقد قال الله عز وجل: ولا تزر وازرة وزر أخرى{ فاطر: 18}.
وإن أردت أن تعينه بإخراج بعض ما وجب عليه كان ذلك حسنا، ولكن شرط ذلك وجود النية من أبيك فلا بد من أن يوكلك في ذلك أو أن تعلمه بأنك ستخرج عنه كذا لتحصل منه النية الواجبة، لما قدمنا من أن النية من شروط صحة كل عبادة، وانظر الفتوى رقم: 94739، وأما إخراج النقود مكان التمر فيجيزه بعض العلماء ويمنعه الجمهور وأجازه شيخ الإسلام للمصلحة، وانظر الفتوى التالية أرقمها: 23048، 33111، 113817. وماأحيل عليه فيها.
والله أعلم.