الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك إن المالكية يرون أن مكة ميقات لأهلها ولغيرأهلها في الحج والعمرة غلط على المالكية، فمذهب المالكية أن ميقات المكي للعمرة هو أدنى الحل، وأنه إن لم يخرج إلى الحل وجب عليه إعادة الطواف والسعي. قال في مواهب الجليل في شرح قول خليل: وإن لم يخرج أعاد طوافه وسعيه بعده ش: يعني أن من أحرم بالعمرة قبل أن يخرج إلى الحل فإن إحرامه بها ينعقد على المعروف من المذهب ويؤمر بالخروج إلى الحل قبل أن يطوف ويسعى لها، فإن طاف وسعى للعمرة قبل خروجه إلى الحل فطوافه وسعيه كالعدم ويؤمر بإعادتهما بعد الخروج إلى الحل.
تنبيهات: الأول: ظاهر كلام أهل المذهب أو صريحه أن الإحرام بها من الحل واجب، قال القاضي عبد الوهاب في التلقين والمعونة: لا يجوز من الحرم، وكذا قال التلمساني في شرح الجلاب: لا يجوز أن ينشئ الإحرام بها من مكة. انتهى.
وقد بينا مذاهب العلماء في ميقات المكي للعمرة ورجحنا أن من أحرم بالعمرة من مكة فعليه دم، وانظر تفصيل ذلك في الفتوى رقم: 125178، ولعل قصد السائل بما نسبه للمالكية أن المكي إذا أحرم من الحرم ثم خرج إلى الحل لم يكن عليه دم، خلافاً لما عليه الجمهور من إيجاب الدم، وأما ميقات المكي للحج فهو مكة، لقوله صلى الله عليه وسلم حين وقت المواقيت: حتى أهل مكة يهلون من مكة. متفق عليه.
وعلى كل حال فأنت لست مكياً لأنك أتيت على الميقات وأنت تريد النسك فلزمك الإحرام منه، وعليه فإذا قدمت مكة وأنت تريد النسك فالواجب عليك أن تحرم من الميقات الذي تمر به فإن تجاوزت الميقات بدون إحرام وأنت تريد النسك فإن رجعت إليه قبل الإحرام فلا شيء عليك، وإن أحرمت من وراء الميقات فعليك دم، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 123775.
وأما إذا أتيت مكة غير مريد للنسك ثم بدا لك أن تحج أو تعتمر فإن ميقاتك في هذه الحال هو ميقات المكي فتخرج للإحرام بالعمرة إلى أدنى الحل، ولك أن تحرم بالحج من منزلك بمكة على ما مر، فإن خالفت وأحرمت بالعمرة من مكة فعليك دم، لقول ابن عباس ـ رضي الله عنهما: من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فعليه دم.
والله أعلم.