الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا إشكال في الفتوى الأولى على تقدير كون هذه المرأة مسلمة ووليها مسلم، فإنه في هذه الحالة يجوز له توكيله في زواج ابنته.
ولا إشكال أيضا في الفتوى الثانية إذ لا يجوز للمسلم أن يتولى عقد نكاح الكتابية. أي أنه لا يجوز له أن يتولى ذلك بالأصالة.
ويبقى أمر هو محل الإشكال وهو هل يجوز للمسلم أن يتولى زواج الكتابية بالوكالة من وليها؟ فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: أنه يشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي نفسه. وهو قول المالكية والصحيح من مذهب الحنابلة. قال الشيخ الدردير في شرحه على مختصر خليل في الفقه المالكي: (لا) يصح توكيل (ولي) لامرأة (إلا كهو) أي إلا مثله في الذكورة والبلوغ والحرية والإسلام وعدم الإحرام والعته...اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف- وهو حنبلي - : يشترط في وكيل الولي ما يشترط في الولي نفسه على الصحيح من المذهب. اهـ.
القول الثاني: أنه يجوز توكيل الكتابي للمسلم في تزويج ابنته وهو قول الشافعية. قال الشيخ الرملي في نهاية المحتاج: وللنصراني ونحوه توكيل مسلم في نكاح كتابية لا مجوسية ونحوها لأن المسلم لا ينكحها بحال. اهـ.
والذي نراه أقرب للصواب هو القول الأول أي أنه لا يجوز توكيل الذمي للمسلم بزواج ابنته.
والمرأة الكتابية يزوجها وليها من أهل دينها، فإن لم يوجد زوجها قساوستهم، فإن لم يوجدوا زوجها القاضي المسلم، وأما لو تولى نكاحها أحد المسلمين فإنه لا يصح هذا النكاح، فيجب فسخه، وما وجد منه من ولد فإنه ينسب إلى أبيه للشبهة، ويجدد عقد النكاح مستوفيا شروطه وأركانه.
والله أعلم.