الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أولا أن حساب تاريخ الزكاة يكون بالأشهر الهلالية القمرية لا بالأشهر الشمسية، وعليه فإذا بلغ ما تملكه نصابا وحال عليه الحول الهجري فقد وجبت عليك زكاته، وما استفدته من مال من غير نماء الأصل فإنك تزكيه عند حولان حوله، وانظر الفتوى رقم: 121013.
وما أنفقته في أثناء الحول بعد استفادتك لهذا المال فإنك لا تخصمه من المقدار الذي وجبت زكاته أولا، لأنه مال بيدك حال عليه الحول وهو متجاوز للنصاب فوجبت عليك زكاته، فإذا حال حول المال المستفاد نظرت إلى ما بقي بيدك منه فزكيته. وانظر الفتوى رقم: 122178.
وأما ما سألت عنه بشأن خصم ثمن القاطرة التي لم تسلم ثمنها للشركة البائعة، فالظاهر أن هذا العقد الذي عقدته مع تلك الشركة غير صحيح لكونه بيع دين بدين فإنهم لم يسلموك القاطرة مع كونها عين موصوفة في الذمة، ولا أنت سلمتهم الثمن فهو كالئ بكالئ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عنه، واتفق العلماء على منعه.
جاء في الروض مع حاشيته لابن قاسم: ولا يجوز بيع الدين بالدين. حكاه ابن المنذر إجماعا، وحكاه أحمد وابن عبد البر وغيرهما، وقال الوزير وغيره: اتفقوا على أن بيع الكالئ بالكالئ -وهو بيع الدين بالدين- مثل أن يعقد رجل بينه وبين آخر سلما في عشرة أثواب موصوفة في ذمة المبتاع إلى أجل، بثمن مؤجل، وسواء اتفق الأجلان أو اختلفا في البيع، فهو باطل. انتهى.
وعليه؛ فإن هذا المال كان مملوكا لك وقت وجوب الزكاة فلزمتك زكاته، وعلى تقدير أن المعاملة على غير ما تصورنا وأن البيع وقع صحيحا، وأن الدين قد استقر في ذمتك لهذه الشركة. فإن هذه هي مسألة خصم الدين من الزكاة وفيها مذاهب معروفة للعلماء قد فصلناها وبينا ما هو الراجح عندنا فيها في فتاوى كثيرة. وانظر منها الفتويين: 119873 ، 113837.
والله أعلم.