الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ذكوراً كانوا أو إناثاً على الراجح، وتفضيل الأبناء بعضهم على بعض من غير مسوغ من حاجة أو عوز هو نوع من الظلم، لما ثبت في الصحيحين واللفظ لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبشير بن سعد لما نحل ابنه النعمان نحلاً وأتى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على ذلك فقال له: "يا بشير ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكلهم وهبت له مثل هذا؟ قال: لا. قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تشهدني إذا ، فإنى لا أشهد على جور، وفي رواية لهما قال له أيضا: "فأرجعه". وفي رواية لمسلم : "اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرد أبي تلك الصدقة". وفي رواية عند أحمد : إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم .
وإن خص الأب بعض أبنائه بعطية أو فاضل بينهم بدون مسوغ شرعي أثم ووجب عليه مع التوبة أن يرد ما فضل به البعض، أو يعطي الآخر مثل ما أعطى لغيره، لكن إن مات قبل ذلك -كما هو الحال هنا- ثبت للمعطى ما قبض وخص به.
قال ابن قدامة في الشرح الكبير: إذا فاضل بين ولده في العطايا أو خص بعضهم بعطية ثم مات قبل أن يسترده ثبت ذلك للموهوب له ولزم وليس لبقية الورثة الرجوع. هذا المنصوص عن أحمد في رواية محمد بن الحكم والميموني واختاره الخلال وصاحبه أبو بكر، وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأكثر أهل العلم وهو الذي ذكره الخرقي... لأنها عطية لولده فلزمت بالموت كما لو انفرد، ولأنه حق للأب يتعلق بمال الولد فسقط بموته كالأخذ من ماله. انتهى منه باختصار.
وبناء عليه.. فليس على من فُضِّل هنا أو اختصه الأب بهبة دون إخوانه أن يعيد ذلك ويقاسم إخوانه لكنه مما يستحب له. قال ابن قدامة في المغني: يستحب للمعطى أن يساوي أخاه في عطيته.
وكذلك ما أعطى الرجل لزوجته وحازته قبل وفاته أو مرض موته فإنها تختص به.
وأما ما تركه الأب من مال في حسابه أو عقار أو غيره فإنه يقسم كما أمر الله سبحانه، وإذا كان الورثة هم الزوجة والأبناء فحسب. فالقسمة هي كما ذكر في السؤال أن للزوجة ثمنها والباقي يقسم بين الأبناء للذكر مثل حظ الأنثيين.
والله أعلم.