الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأحسن الله عزاءك في أبيك، ونسأل الله أن يغفر له ويعفو عنه، وأن يتقبّل منك برّك به وقيامك برعايته حال مرضه، وأول ما ننصحك به هو المحافظة على الصلاة، فلا شكّ أن الصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان، ولا حظَّ في الإسلام لمن تركها، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، ولمعرفة ما يعينك على المحافظة عليها راجع الفتوى رقم : 3830.
وننبّهك إلى أنّ كذبك على أبيك حين سألك عن جدتك غير جائز، فقد كان يمكنك استعمال المعاريض والتورية دون الكذب الصريح، وانظر في بيان ذلك الفتوى رقم :68919.
واعلم أنّ الإنسان إذا كان حريصاً على برّ والديه مجتهداً في طلب مرضاتهما ابتغاء وجه الله، فإنّه بعد ذلك إذا بدر منه شيء من التقصير في حقّهما، فإنّ ذلك مظنّة العفو من الله. قال تعالى: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا { الإسراء:25}.
قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين، أي صادقين في نية البر بالوالدين، فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا: وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة. الجامع لأحكام القرآن -10 / 246.
وأمّا ما يمكنك أن تفعله لأبيك بعد موته، فقضاء ديونه إن كان عليه ديون ـ سواء كان دين آدمي أو دينا لله تعالى ـ كما لو كان عليه صيام واجب لم يصمه، أو زكاة وجبت عليه ولم يدفعها، أو كان مستطيعا للحج ولم يحج، فما عليه من ديون أو كفارات تقضى من تركته قبل تقسيمها، وكذا يحج عنه إن كان قدر على الحج ولم يحج.
وأمّا ما ينفعه في قبره ولا ينقطع عنه فهو الدعاء له والصدقة الجارية عنه، وممّا يمكنك فعله من برّه بعد موته صلة الرحم من جهته وإكرام أصدقائه، وللفائدة انظر الفتوى رقم : 18806 .
والله أعلم.