الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمجرد انفصال الوالدين لا يبيح التقصير في حقّ أحدهما، وإنمّا تجب المداومة على برّهما وطاعتهما في المعروف ولا تجوز طاعة أحد الوالدين في مقاطعة الآخر.
واعلم أنّه عند افتراق الوالدين فإنّ الأولاد الصغار دون سنّ التميّز تكون حضانتهم لأمّهم ما لم يكن بها مانع من موانع الحضانة المبينة في الفتوى رقم:9779. وأمّا الأولاد الكبار فالراجح من مذاهب العلماء أنّهم يخيّرون في الإقامة عند أبيهم أو أمّهم، وانظر الفتوى رقم: 50820.
وعلى هذا فمن اختارمن إخوتك البالغين الإقامة مع أمّه أو أبيه فلا حرج عليه، أمّا من قصّر في برّ أحدهما ورعايته وتفقّد أحواله وطاعته في المعروف فهو آثم إلّا أن يكون تاب توبة صادقة، وقد أحسنت حين نصحت إخوتك بزيارة والدهم وحرصت على جمع شملهم ، ونسأل الله أن يجزيك على ذلك خير الجزاء .
أمّا عن شعورك بعدم حزن إخوتك على فقد والدهم، فليس في مجرد ضحكهم ومزاحهم ورغبتهم في تجديد الأثاث ليس في ذلك دليل على عدم حزنهم على فقده، وليس من برّ الوالد المبالغة في الحزن عليه والتعلّق بما خلّفه من ذكريات ، بل ذلك أمر مذموم، وكذلك لا ينبغي تعليق صورته بالبيت، وانظر الفتوى رقم: 680.
وننبّهك إلى أنّ قولك إنّ مرض السرطان يأتي بسبب الحزن يحتاج إلى دليل علمي من أهل الاختصاص، واعلم أنّ الإحداد يكون للنساء على غير الزوج ثلاثة أيام فقط ، والمشروع في الحزن والبكاء على الميت ألّا يزيد على ثلاثة أيام.
ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود : وفيه دلالة على أن البكاء والتحزن على الميت من غير ندبة ونياحة جائز ثلاثة أيام . انتهى.
ثمّ إنّ هذه الأمور لا تفيد الميّت شيئاً، وإنّما الذي يفيده الدعاء له والصدقة عنه، فينبغي أن تتعاون مع إخوتك على ذلك وتحرص على صلتهم والإحسان إليهم ولم شملهم.
وننبّهك إلى أنّ حقّ أمّك عليك عظيم بل هو آكد من حقّ أبيك ، فاحرص على برّها والإحسان إليها فذلك من أعظم القربات إلى الله.
والله أعلم.