الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كنتِ رأيت الطهر بإحدى علامتيه الجفوف أو القصة البيضاء، ثم اغتسلت، وأديت مناسك العمرة، فقد طفت بالبيت طاهراً، ومن ثم فعمرتك صحيحة، لأن الطهر بين الدمين طهرٌ صحيح، يجبُ على المرأة فيه أن تغتسل، وتصلي وتفعل ما تفعله الطاهرات، فإذا عاودها الدمُ عادت حائضاً، وقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ولا يحل لها إذا رأت الطهر ساعة إلا أن تغتسل.
فإذا كنت قد اعتمرت في اليوم السادس، وكذا في اليوم السابع حال الطهر-كما هو ظاهر السؤال- فكلا العمرتين صحيحتان ولا شيء عليك، وانظري الفتويين: 108375، 100749.
وأما إن كنت طفت حال جريان الدمِ، فإن طوافك هذا غير مُعتدٍ به، لأن طواف الحائض ممنوع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري. متفق عليه.
ومن ثم فيلزمك قصد مكة والإتيان بالطواف والسعي ثم تتحللين من عمرتك، وما فعلته في أثناء ذلك من المحظورات، فإنك تعذرين فيه بجهلك، لقوله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. {الأحزاب:5}.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: وبالنسبة لمن فعل هذه المحظورات ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، فلا شيء عليه، لقول الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ. {الأحزاب:5}. وقال تعالى في قتل الصيد وهو من محظورات الإحرام: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ. {المائدة: 95}. فهذه النصوص تدل على أن من فعل المحظورات ناسياً أو جاهلاً فلا شيء عليه. انتهى.
وإن كنتِ تشكين في وقت رجوع دم الحيض وهل هو أثناء الطواف أو بعده؟ فاعلمي أن مذهب الجمهور أن الشك في الحدث لا أثر له، لأن الأصل بقاء الطهارة، فيبقى هذا الأصل مستصحباً حتى يحصل اليقين بخلافه، وعليه، فالأصل صحة طوافك كما بينّا ذلك في الفتوى رقم: 29212.
والله أعلم.