الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن عقيدة أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص، وأن زيادته تكون بالطاعة، ونقصه يكون بالمعصية، والإيمان يحتاج إلى تجديد، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الإِيمَانَ لَيَخْلَقُ- أي: يبلى ويستهلك - فِي جَوْفِ أَحَدكُم ـ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوبَ الْخَلِق ، فَاسْأَلوا اللهَ أَنْ يُجَدِّدَ الإِيَمَانَ فِي قُلُوبِكُ. رواه الطبرانى وحسنه الهيثمى والعراقي، وقال الحاكم وقال: رواته مصريون ثقات ، وصححه الألباني.
والقلب أحيانا تعترضه سحابة مظلمة فيفتر المؤمن، ولكنه سرعان ما يستفيق ويعود لربه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ما من القلوب قلب إلا و له سحابة كسحابة القمر، بينما القمر يضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت. رواه الطبراني في الأوسط وحسنه الألباني.
والمعاصي من أكبر أسباب الانقطاع عن بعض الخيرات، كما قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، فَإِنْ زَادَ زَادَتْ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ { المطففين: 14}. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.
فاسألي الله أن يجدد الإيمان في قلبك، وتوبي إليه توبة عامة من كل الذنوب صغيرها وكبيرها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول- وهو من هو في الفضل والخيرـ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ. رواه مسلم.
وعليك بوسائل تقوية الإيمان، وقد ذكرناها في الفتوى رقم: 10800فراجعيها .
واحرصي على صحبة الصالحات المجتهدات فلها أثر كبير في علو الهمة، مع تنويع العبادة، وإعطاء النفس بعض المباحات حتى لا تمل، فكل هذا يعين على الثبات على الخير والمواظبة على الطاعات.
ثم ننبهك أختنا إلى أن تأخير الصلاة إن كان حتى يخرج وقتها بدون عذر - كنسيان أو نوم - ذنب عظيم، لا يرفع إلا بالتوبة والندم على ذلك، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك بأنه مفرط أي مقصر، حيث قال : أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى. رواه مسلم في صحيحه.
وأما إن كنت تؤخرين الصلاة عن أول وقتها، وتصلينها قبل دخول وقت الصلاة الأخرى، فهذا وإن لم يكن محرما، ولكنه يفوت عليك فضيلة الصلاة في أول وقتها ففي الصحيحين عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ ثُمَّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . ونسأل الله أن يوفقك إلى كل خير.
والله أعلم.