الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعمل في مثل هذه الشركة التي تعمل بها والتي تقترض بالفوائد الربوية له حالتان:
الحالة الأولى: أن يعمل فيها المرء ولا يكون لعمله تعلق بالاقتراض بالربا بأي صورة من صور التعلق، وفي هذه الحالة يجوز العمل في هذه الشركة.
الحالة الثانية: أن يعمل فيها المرء ويكون عمله متعلقاً بالاقتراض بالربا، وفي هذه الحالة لا يجوز العمل في هذه الشركة لأن في ذلك إعانة على المعصية، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. {المائدة: 2}. وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء.
قال المناوي عن الكاتب والشاهد: واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه.
والذي ظهر لنا من كلامك أن عملك مشتمل على الإعانة على الاقتراض بالربا، وعلى هذا لا يجوز لك الاستمرار في هذا العمل إلا إذا بلغت حد الضرورة، فإذا كنت مضطرا اضطرارا ملجئا، كأن تشرف على الهلاك ولا تجد سبيلاً لإطعام نفسك ومن تعول، أو كنت في حرج وضائقة كأن لم تجد لباسا تكسو به بدنك، أو مسكناً يؤيك ولو بالأجرة، فلك البقاء حتى تجد البديل، وإذا وجدت العمل البديل براتب يكفي للأشياء الضرورية، فإنه يجب عليك ترك هذا العمل فورا.
ونذكرك بأن السلامة في الدين لا يعدلها شيء، وأن أفضل السبل للسعادة في الدنيا والفلاح في الآخرة هو طاعة الله تعالى، نسأله الله تعالى أن يتم شفاءك وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.
ولمزيد الفائدة يمكنك مراجعة الفتاوى الآتية أرقامها: 51469، 65327، 115033، 117468.
ولمعرفة آلية الفتوى في موقعنا والقائمين عليها يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 1122.
وننبهك إلى أن قول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. {التغابن: 16} سورة التغابن ليس حديثاً كما ذكرت في سؤالك.
ومعنى الآية بينه العلامة الشنقيطي في أضواء البيان فقال: قوله تعالى: فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. يفهم منه أن التكليف في حدود الاستطاعة، ويبينه قوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا. {البقرة: 286}. وقوله تعالى: رَبَّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ. {البقرة: 286}. وفي الحديث: قال الله: قد فعلت، وهذا في الأوامر دون النواهي لأن النواهي تروك، كما جاء في السنة: ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه. اهـ.
والله أعلم.