الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أنه لا إثم عليك في فطرك هذه الأيام إذا كنت معذورة بالمرض؛ لأن المرض رخصة مبيحة للفطر، والواجب عليك أن تبادرى بقضاء هذه الأيام التي أفطرتها بعذر المرض، وكذا الأيام التي أفطرتها في حيضك إن لم تكوني قضيتها، فقد قال الله عز وجل: وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ {البقرة: 185} وبهذا تعلمين أنه لا تجزئك الصدقة ولا الإكثار من النوافل عوضا عن القضاء، بل لا بد من فعل ما أمر الله به من القضاء، وإذا كنت عاجزة عن معرفة عدد الأيام التي يلزمك قضاؤها، فاعملي بالتحري واقضي من الأيام ما يحصل لك به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتك، فإن هذا هو ما تقدرين عليه، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وإن كنت قد أخرت القضاء بعد قدرتك عليه بغير عذر حتى دخل عليك رمضان آخر فالواجب عليك مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه لفتوى الصحابة بذلك، وانظري الفتوى رقم: 114215.
وإذا كنت قد قضيت بعض هذه الأيام، فانظري ما قضيته فإن غلب على ظنك أنك قضيت ما عليك فهذا هو الذي يلزمك، وإن لم تحصل لك غلبة الظن ببراءة الذمة، فتابعي القضاء حتى تحصل لك غلبة الظن ببراءة الذمة، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: البدار بالصوم على حسب الظن، لايكلف الله نفساً إلا وسعها.
فالذي تظنين أنك تركته من أيامٍ عليك أن تقضيه، فإذا ظننت أنها عشرة فصومي عشرة أيام، وإذا ظننت أنها أكثر أو أقل فصومي على مقتضى ظنك لقول الله سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}. وقوله عز وجل : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن: 16}. وانظري الفتوى رقم: 26899.
ولا يلزمك شيء من الصدقة، وإنما يلزمك القضاء فقط، إلا إذا كنت أخرت القضاء بعد قدرتك عليه حتى دخل رمضان آخر كما قدمنا.
والله أعلم.