الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن للمرأة على زوجها حقا واجبا من آكد حقوقها عليه هو أعظم من حق إطعامها ونفقتها وهذا الحق هو حق إعفافها بالوطء وبتفريط الزوج في هذا الحق يصير آثما .
والله تعالى يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ{البقرة:228}
وإذا كان سبب التفريط في هذا الحق هو أن الزوج يميل إلى زوجته الثانية أو يدخر قوته لها فهذا أعظم وزرا وأشد قبحا مع أن العلماء متفقون على أن وطء الزوجة من الواجبات على الزوج إلا أنهم اختلفوا في القدر الواجب منه فمنهم من أوجب عليه الجماع مرة كل أربع ليال وبعضهم أوجبه كل أربعة أشهر وبعضهم أوجبه كل طهر والقول الراجح أنه واجب عليه بقدر حاجتها وقدرته. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، فقد قال في الفتاوى الكبرى : وَيَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَهُوَ مِنْ أَوْكَدِ حَقِّهَا عَلَيْهِ أَعْظَمَ مِنْ إطْعَامِهَا وَالْوَطْءُ الْوَاجِبُ قِيلَ: إنَّهُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّةً وَقِيلَ: بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، كَمَا يُطْعِمُهَا بِقَدْرِ حَاجَتِهَا وَقُدْرَتِهِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كما أن إشباع حاجة الزوجة ، يعد من حسن العشرة ، ومما يؤجر عليه العبد ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ...وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِى أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِى حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِى الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ " (صحيح مسلم)
والحاصل أنه إذا كان زوجك يمتنع عن جماعك مع حاجتك وقدرته بغير عذر فهو ظالم لك مفرط في حقك ، وصبرك على ذلك مما يرجى منه الأجر العظيم .
والله أعلم