الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالبدع التي لا تبلغ الكفر يجري عليها ما يجري على الذنوب والمعاصي، من الموازنة بينها وبين الحسنات، ومن جواز تخلف الوعيد عن مرتكبها لوجود مانع أو انتفاء شرط.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة، ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع، هذا في عذاب الآخرة، فإن المستحق للوعيد من عذاب الله ولعنته وغضبه في الدار الآخرة خالد في النار أو غير خالد، وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق يدخل في هذه القاعدة، سواء كان بسبب بدعة اعتقادية أو عبادية أو بسبب فجور في الدنيا وهو الفسق بالأعمال. مجموع الفتاوى.
وقال أيضاً في مجموع الفتاوى: وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر، وفجور وطاعة ومعصية، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا...مجموع الفتاوى.
وأسباب سقوط العقوبة عن العصاة كثيرة ومنها المصائب المكفرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. متفق عليه.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية: لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ. وكل شيء عملناه جزينا به؟ فقال: غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن ألست يصيبك اللأواء؟ قال: فقلت: بلى، قال: هو ما تجزون به. رواه أحمد وصححه الألباني.
وعلى ذلك فقد تكفر لا كفارة عليك أو تخفف من وزرها، بحسب شدة المصائب وبحسب درجات البدع، فإنها متفاوتة كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 105033.
والله أعلم.