الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فحرمة الغش والكذب والخداع معلومة في الإسلام، لا سيما إن بني عليها عقود ومعاملات، وموقف صديقك وخوفه أن يكون ما حصل له بسبب ذنبه، صحيح؛ فإن الذنوب والمعاصي من الأسباب المباشرة لنزول المصائب وحلول النقم وزوال النعم، فما من مصيبة تنزل بالعبد إلا بكسبه وما جنت يداه، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ. {الشورى:30}.
وقال عز وجل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. {لأنفال:53}.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه. رواه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي، وصححه المنذري، وحسنه العراقي والبوصيري والأرناؤوط. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 56211 ، 49228 ، 41620.
فالواجب عليك الآن أن تتوب إلى الله تعالى أنت وصاحبك توبة مستجمعة لشروطها التي سبق بيانها في الفتوى رقم: 5450.
ثم الاجتهاد في الطاعات، فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ. {هود:114}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا. رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح. وحسنه الألباني.
وما دام الكذب قد حصل بالفعل، وكنت أهلا للعمل المنوط بك من حيث الخبرة والكفاءة، وتقوم به على الوجه المطلوب دون تقصير أو تفريط، فلا نرى مانعا من الاستمرار فيه، كما لا يجب عليك ولا على صاحبك إخبار صاحب العمل بما حصل؛ دفعا للضرر الذي قد ينزل بكما، فالقاعدة أنه لا ضرر ولا ضرار. وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 65331. ويمكنك لمزيد الفائدة مراجعة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 76152 ، 31995 ، 110606.
وقد سبق الكلام على مسألة الكذب لتحقيق مصلحة دون مضرة للآخرين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 75174 ، 52199 ، 49387.
والله أعلم.