الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية والتوفيق، ونسأله سبحانه أن يزيدك ثباتا وتقوى.
وأما ما تشعرين من عدم وجود ثمرة لهذه الطاعات وعدم استجابة الدعاء، فإنا نوصيك بعدم الاستعجال في ذلك، فإن صلاح القلب واستقامته وطمأنينته بذكر الله وعبادته أمر ليس بالسهل اليسير، ولا بد من الصبر على ذلك ومجاهدة النفس أوقاتا طويلة وأزمنة مديدة حتى يتمكن الإيمان من القلب، وتأملي حال السلف رحمهم الله فقد أتعبوا أنفسهم في تحصيل مراتب الإيمان أيما تعب، حتى انقادت نفوسهم للحق وقرت عيونهم بالطاعة، يقول أحدهم: كابدت قيام الليل عشرين سنة و تنعمت به عشرين سنة أخرى.
وإن من أعظم الآفات التي تعرض للسائر إلى الله جل وعلا آفة التعجل في طلب النتائج، سواء في صلاح قلبه أو في إجابة دعوته، وما يترتب عليها من الاستحسار وترك العمل، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا في مثل قوله: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري ومسلم. وفي مثل قوله: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل. قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء. رواه مسلم.
قال ابن القيم: ومن الآفات التي تمنع أثر الدعاء أن يتعجل العبد ويستبطئ الإجابة، فيستحسر ويدع الدعاء، وهو بمنزلة من بذر بذراً أو غرس غرساً فجعل يتعاهده ويسقيه، فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
واعلمي أيتها السائلة أنه لا تلازم بين عدم تحقق مطلوب الداعي وبين قبول دعائه، فإن الله تعالى يستجيب الدعاء ويقبله ويعظم الأجر لصاحبه، ولكن قد لا يحقق له مطلوبه، وقد سبق لنا تفسير ذلك في الفتوى رقم: 117689، فراجعيها.
وراجعي شروط إجابة الدعاء وآدابه في الفتوى رقم: 11571.
ثم ننصحك في النهاية بأن تراجعي نفسك وتدققي في محاسبتها، فقد تكون هناك معصية ما أو آفة خفية، تحول بينك وبين ما تأملين.
والله أعلم.