الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسؤال غير واضح لكن إذا كان المراد أن هذا الرجل أخر إخراج الزكاة هذه المدة فالواجب عليه التوبة النصوح إلى الله عز وجل والمبادرة بدفع الزكاة إلى مستحقيها فإن تأخير الزكاة بعد حولان الحول غير جائز لأنه حق الفقراء فلم يجز تأخيره عنهم، ولأن الله وقت لإخراجها وقتا وهو الحول فلم يجز تأخيرها عنه كالصلاة.
قال النووي رحمه الله: قد ذكرنا أن مذهبنا أنها إذا وجبت الزكاة وتمكن من إخراجها وجب الإخراج على الفور فإن أخرها أثم، وبه قال مالك وأحمد وجمهور العلماء نقله العبدري عن أكثرهم. ونقل أصحابنا عن أبي حنيفة أنها على التراخي وله التأخير، قال العبدري اختلف أصحاب أبي حنيفة فيها فقال الكرخي على الفور وقال أبو بكر الرازي على التراخي، دليلنا قوله تعالى: وآتوا الزكاة، والأمر عندهم على الفور. انتهى.
وأما إن كان المراد أنه يريد إخراج الزكاة عن خمس سنين مستقبلة فهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم وهي هل يجوز تعجيل الزكاة قبل الحول أو لا؟ ومذهب الجمهور الجواز لأن العباس استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته فأذن له، أخرجه أبو داود وغيره.
قال ابن قدامة رحمه الله: وجملته أنه متى وجد سبب وجوب الزكاة وهو النصاب الكامل جاز تقديم الزكاة وبهذا قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحق وأبو عبيد، وحكي عن الحسن أنه لا يجوز وبه قال ربيعة ومالك وداود. انتهى.
هذا عن تعجيل الزكاة في الحول وأما عن تعجيلها لأكثر من حول ففيه روايتان عند الحنابلة، قال الموفق رحمه الله في المغني: إذا عجل الزكاة لأكثر من حول ففيه روايتان إحداهما: لا يجوز لأن النص لم يرد بتعجيلها لأكثر من حول. والثانية: يجوز وروي عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يخرج الرجل زكاة ماله قبل حلها بثلاث سنين لأنه تعجيل لها بعد وجود النصاب أشبه تقديمها على الحول الواحد.
ورجح بعض أهل العلم جواز تعجيل الزكاة لحولين فقط لما رواه البيهقي وغيره من أن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس زكاة سنتين، فيُقتصر على ما ورد به النص ومع هذا فترك التعجيل أولى خروجا من الخلاف، قال الشيخ العثيمين رحمه الله في الفتاوى: تعجيل الزكاة قبل حلولها لأكثر من سنة: الصحيح: أنه جائز لمدة سنتين فقط، ولا يجوز أكثر من ذلك، ومع هذا لا ينبغي أن يعجل الزكاة قبل حلول وقتها، اللهم إلا أن تطرأ حاجة كمسغبة شديدة (مجاعة)، أو جهاد، أو ما أشبه ذلك، فحينئذ نقول: يُعجل؛ لأنه قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل، وإلا فالأفضل ألا يزكي إلا إذا حلت الزكاة ؛ لأن الإنسان قد يعتري ماله ما يعتريه من تلف، أو غيره، وعلى كل حال ينبغي التنبه إلى أنه لو زاد عما هو عليه حين التعجيل: فإن هذه الزيادة يجب دفع زكاتها.
وأما إخراج الزكاة بذبح كبش أو نحوه فهو غير جائز لأن الزكاة يجب أن تخرج من جنس المال المزكى ولا تجزئ القيمة في الزكاة عند الجمهور، وقد بيّنا مذاهب العلماء في هذه المسألة في الفتوى رقم: 80337.
والله أعلم.