الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأولى ترك تسمية البنت بـ ملك أو ملاك، وقد سبق بيان حكم هذين الاسمين في الفتوى رقم: 58078.
ولا حرج على مناداة من اسمها ملك أو ملاك باسمها إن لم تغيره ولم تكن تعرف إلا به، فقد اتفق العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله، ومع هذا ورد مناداة من اسمه هكذا باسمه في السنة والسيرة والإخبار عنهم بأسمائهم؛ لأنه ليس في هذا إنشاء تسمية، وإنما إخبار عما يعرف به صاحبه.
قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله ، كعبد عمر وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حاشا عبد المطلب.
قال ابن القيم: أما قوله أنا ابن عبد المطلب فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك، وإنما هو باب الإخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره، والإخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، ولا وجه لتخصيص أبي محمد بن حزم ذلك بعبد المطلب خاصة، فقد كان الصحابة يسمون بني عبد شمس وبني عبد الدار بأسمائهم، ولا ينكر عليهم النبي، فباب الإخبار أوسع من باب الإنشاء، فيجوز ما لا يجوز في الإنشاء. انتهى
ومما ورد من نداء من اسمه محرم باسمه في السنة دون حرج من ذلك ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا ...الحديث.
وأما تفسير الآية المذكورة، فالمراد أنهم يسمون كل ملك من الملائكة أنثى، لأنهم إذا جعلوا الكل بنات ، فقد جعلوا كل واحدة بنتا- في زعمهم.
قال البغوي في معنى الآية: أي بتسمية الأنثى حين قالوا: إنهم بنات الله.
وقال ابن كثير: يقول تعالى منكرا على المشركين في تسميتهم الملائكة تسمية الأنثى، وجعلهم لها أنها بنات الله، كما قال: {وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } [الزخرف: 19]؛ ولهذا قال: { وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم } أي: ليس لهم علم صحيح يصدق ما قالوه، بل هو كذب وزور وافتراء، وكفر شنيع.
وللآية علاقة بما ذكر من أسماء في السؤال عند بعض العلماء، فقد قال الشيخ بكر أبوزيد رحمه الله في معجم المناهي اللفظية: أمَّا تسميةُ النِّساء بأسماءِ الملائكةِ ؛ فظاهِرُ الحرمةِ ؛ لأن فيها مضاهاةً للمشركين في جعْلِهِم الملائكة بناتِ اللهِ ، تعالى اللهُ عن قولِهم . وقريبٌ مِن هذا تسميةُ البنتِ : ملاكٌ ، ملكة ، وملكْ. انتهى.
والله أعلم .