الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أن الحج من أركان الإسلام ومبانيه العظام وأنه واجب على الفور على الراجح من قولي العلماء، إذا توفر شرط الاستطاعة، قال الله تعالى: وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. {آل عمران:97}، ولا يجوز لزوجك منعك من حج الفريضة، فإن منعك جاز لك الخروج ولو بغير إذنه، إلا إذا خافت أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة، قال ابن قدامة في المغني:
وليس للرجل منع امرأته من حجة الإسلام، وبهذا قال النخعي، وإسحاق، وأبو ثور، وأصحاب الرأي وهو الصحيح من قولي الشافعي، لأنه فرض فلم يكن له منعها منه كصوم رمضان والصلوات الخمس، ويستحب أن تستأذنه في ذلك نص عليه أحمد، فإن أذن وإلا خرجت بغير إذنه، فأما حج التطوع فله منعها منه. انتهى.
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
نعم يأثم إذا منع زوجته من الحج الذي تمت شروطه، فهو آثم يعني لو قالت: هذا محرم، هذا أخي يحج بي، وأنا عندي نفقة ولا أريد منك قرشاً وهي لم تؤد الفريضة فيجب أن يأذن لها، فإن لم يفعل حجت ولو لم يأذن، إلا أن تخاف أن يطلقها فتكون حينئذ معذورة. انتهى.
وما ذكرت من أمر ابنتيك ليس عذراً يبيح له منعك من الحج، ما دام الحاضن لهما موجوداً، ثم إن مدة الحج لا تطول طولاً تتضرران به عادة.
فإذا تبين هذا، فعليك أن تجتهدي في مناصحة زوجك، وأن تبيني له كلام أهل العلم في وجوب الحج وأنه على الفور، فإن خرج معك للحج فالحمد لله، وإلا فلك أن تخرجي بالحج بغير إذنه إلا إذا خشيت أن يطلقك.
لكن ننبهك على أن سفرك للحج دون محرم مع رفقة مأمونة، محل خلاف بين أهل العلم، والذي نرجحه هو جواز سفر المرأة لحج الفريضة مع رفقة مأمونة عند أمن الفتنة، كما بينا في الفتوى: 14798.
والله أعلم.